فطواف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حركة إدبارية على خلاف التوالي للإفاضة والتربية ، وطواف أمير المؤمنين حول جلال القدرة حركة إقبالية على التوالي للاستفاضة ، فظهرت القدرة بالعظمة وظهرت العظمة بالملك المشار إليه بالميم في (بِسْمِ اللهِ) ، ولذا كانت أئمتنا صلوات الله عليهم أجمعين شهداء على الناس ، وكان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم شهيدا عليهم ، كما قال تعالى فيهم : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) (١).
وفي قراءة الأئمة عليهمالسلام : أئمة وسطا (٢).
والناس يشمل جميع الأنام ، بل في تفسير الباطن يشمل كافة الموجودات ، وعامة الكائنات ، وجميع الذرات من الجمادات والنباتات ، والحيوانات ، والأمم السالفة مع أنبيائهم ، بل الملائكة المقربين والكروبيين ، والملائكة العالين.
وهذه الجملة مع تظافر الأخبار عليها مستفادة أيضا من بعض الآيات كقوله تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) (٣).
وقوله : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) (٤).
وقوله تعالى : (إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً).
وهذه الشهادة هي الشهادة المستفادة إثباتا لا نفيا من قوله :
(ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ
__________________
(١) البقرة : ١٤٣.
(٢) لم أظفر على هذه القراءة ، نعم في المقام روآيات عشر فسرت الأمة فيها بالأئمة عليهمالسلام ، راجع تفسير البرهان : ج ١ / ١٥٩ وص ١٦٠ ، وتفسير نور الثقلين : ج ١ / ١٣٤ و ١٣٥.
(٣) الأنعام : ٣٨.
(٤) فاطر : ٢٤.