وللتعدية إذ به يصل الواصلون ويفوز الفائزون فإنّ كل ذرة من ذرأت الوجود لا تصل وصولا فعليا إلى حقيقتها الكمالية الإمكانية إلّا بنور الهداية وشرف الولاية ، فتتعدى اللوازم إلى إظهار مستجنات (١) الإمكان في عالم العيان في الأكوان والأعيان.
وللسببية ، فإنهم عليهمالسلام أسباب كينونات العباد ، ووجوداتهم ، وهدايتهم إلى مصالح المعاش والمعاد ، ونزول البركات الدينية والدنيوية عليهم ، كما يستفاد ذلك كله من تضاعيف الأخبار المتواترة الدالة على بدو أنوارهم وأرواحهم ، وأنّ كل ما سواهم من الذوات والأنوار والخيرات والسعادات والبركات إنما خلقت من أشعة أنوارهم ، بهم فتح الله وبهم يختم ، وبهم ينزل الغيث وبهم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، وبهم ينفس الهم ويكشف الضر ، وبهم علمنا الله معالم ديننا وأصلح ما كان فسد من دنيانا.
وفي «التوحيد» عن الصادق عليهالسلام قال : «إن الله خلقنا فأحسن خلقنا ، وصوّرنا فأحسن صورنا ، وجعلنا عينه في عباده ، ولسانه الناطق في خلقه ، ويده المبسوطة على عبادة بالرأفة والرحمة ، ووجهه الذي يؤتى منه ، وبابه الذي يدل عليه ، وخزاّنه في سمائه وأرضه ، بنا أثمرت الأشجار ، وأينعت الثمار ، وجرت الأنهار ، وبنا نزل غيث السماء ، ونبت عشب الأرض ، وبعبادتنا عبد الله ، ولو لا نحن ما عبد الله» (٢).
والأخبار بهذا المضمون كثيرة لا تحصى مذكورة في «البحار» وغيره.
قال مولانا محمد صالح المازندراني طاب ثراه في شرح قوله عليهالسلام : «بنا أثمرت الأشجار» : أي بوجودنا وبركتنا أو بأمرنا صارت الأشجار مثمرة.
__________________
(١) مشارق الأنوار : ١٦٧.
(٢) توحيد الصدوق : ص ١٤٠ ـ ١٤١ وعنه بحار الأنوار : ج ٢٤ / ١٩٧.