وعن التفتازاني (١) : أن اللفظ إن وضع للشيء باعتبار بعض معانيه وأوصافه من غير ملاحظة لخصوصية الذات ، حتى أنّ اعتبار الذات عند ملاحظته لا تكون إلا لضرورة ، إذ المعنى لا يقوم إلا بالذات ، فهو صفة كالمعبود ، ولذا فسّروا الصفة بما تدل على ذات باعتبار معنى هو المقصود ، أو على ذات مبهمة ومعنى معين ، واسم الصفة ما دل على ذات ما باعتبار معنى ليس مقصودا ، فلفظة الإله دالّ على ذات مقدسة باعتبار معنى هو المعبودية بالحق والمقصود الذات المقدسة لا غير ، ولفظ المعبود بالحق دالّ على الذات المقدسة باعتبار معنى هو المعبودية بالحق وهو المقصود لا غير ، فهذا هو نفس الصفة والأول اسمها ، وإن وضع له بدون ملاحظة ما فيه من المعاني كرجل وفرس ، أو مع ملاحظة بعض ذلك أي مع ملاحظة خصوصية الذات كالكتاب للشيء المكتوب ، والنبات للجسم النابت وكجميع أسماء الزمان والمكان والآلة ، فهو اسم غير صفة ويستدل على أن المقصود هو المعنى أو الذات بأن الأوّل لا يوصف ويوصف به ، والثاني بالعكس ، ولا خفاء في أن الإله من قبيل الثاني ، إذ ثبت في الاستعمال إله واحد ، ولم يثبت شيء إله فيكون اسما.
واعترض بأنه لو كان تعيين الذات معتبرا في الإله دون المعبود ، وفي الكتاب دون المكتوب لاستفيد منها تعين لا يستفاد من المعبود والمكتوب ، وليس كذلك.
وفيه أن التعين مستفاد منها ، وذلك أن المكتوب هو العنوان ، والكتاب هو المعنون (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٢).
نعم ، ربما يمنع من اعتبار تعيين الذات في أسماء الزمان والمكان والآلة أيضا ، إذ لو كان معتبرا فيها لدلّت عليه تلك الأسماء ، وليس فليس ، فكما أن معنى
__________________
(١) التفتازاني مسعود بن عمر بن عبد الله ، توفي سنة (٧٩٢) ه أو قبلها. ـ معجم المؤلفين : ج ١٢ / ٢٢٨.
(٢) الروم : ٢٧.