أمير المؤمنين عليهالسلام في بيان الحقيقة بقوله : «كشف سبحات الجلال من غير اشارة» (١).
فسبحات الجلال هي الشؤون الربّانية والصفات الجماليّة والجلاليّة ، وبعد كشفها وإلقائها بأجمعها لكونها أجنبيّة عن مقام الّذات يظهر سرّ الحقيقة بشرط عدم الإشارة رأسا كيلا يغشاها غشاوة التقيّد والتعيّن.
وهذا كما يعتبر العالم الأصولي الفرد من الماهيّة ويجعله مرآتا لملاحظة الطبيعة من حيث هي بإلغاء جميع القيود والمشخّصات ، فآلة الملاحظة هي الفرد ، والملحوظ هو الطبيعة من حيث هي ، لكن لله المثل الأعلى ، فلا ملاحظة في المقام. ولا ملحوظ أصلا إلّا على نحو التنزيه والتقديس عن احاطة الأوهام وإدراك الأفهام.
ثمّ إنّ هذا كلّه على فرض كون الواضع هو البشر ، ولكنّ الخطب أسهل فيه لو قلنا بأنّه هو الله تعالى في جميع الألفاظ كما يستفاد من بعض الأخبار وعليه جمع من علمائنا الأخيار.
وقد أشار الإمام عليهالسلام في تفسير قوله : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) (٢) قال :
«علّمه أسماء كلّ شيء» (٣).
وفي صحف النبي إدريس على نبينا وآله وعليهالسلام : «إن الله أنزل على آدم كتابا بالسريانية وقطع الحروف في إحدى وعشرين ورقة ، وهو أول كتاب أنزل الله تعالى في الدنيا وأنزل الله عليه الألسن كلها ، فكان فيه ألف ألف لسان لا يفهم
__________________
(١) ذيل شرح التوحيد للعارف القاضي سعيد القمى ج ٢ ص ٥٢٢ بتحقيق الدكتور نجفقلى الحبيبي قال : هذا الحديث المنقول عن كميل النخعي صاحب مولينا أمير المؤمنين عليهالسلام حيث سأله عن الحقيقة نقله السيّد حيدر الآملي في جامع الأسرار ص ٢٨.
(٢) البقرة : ٣١.
(٣) في بصائر الدرجات ص ٤٣٨ ، عن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «أما إن جبرئيل أخبرني أن الله علمك اسم كل شيء كما علم آدم الأسماء كلها.