المشار إليها بقوله تعالى : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) (١) فإن كلا من الخيرات والشرور ، والجنان والنيران ، والسعادة والشقاوة ، يطلق عليها اسم الشيء ، بل المبعدون المطرودون عن منبع النور أشد تحققا في الشيئية من حيث أنفسها وإنياتها.
ولذا لمّا سئل مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام عن الشيء أجاب عليهالسلام بأنه كافر مثلك (٢).
سيّما مع مطابقة أعداده للمنكر الذي هو الثاني المطرود المبعّد عن معدن النور أبو الشرور.
ثم إنّ اسم الرحمن هو الظاهر بهذه الرحمة الواسعة والنعمة الجامعة ، قد استوى على عرش الوجود وفتح أبواب خزائن الرحمة والجود ، ولذا قال سبحانه : (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) (٣) ، لإفادة الوجود والفيوض الموجبة للعبودية ، وهو القدر المعلوم المشار إليه بقوله : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (٤) ، وهو وإن كان متساوي النسبة إلا أن الاختلاف لاختلاف القوابل والأسولة فيعطي من سئله قدر سؤاله ، ولو سئلته القوابل على نسبة واحدة لأعطاهم كذلك.
ولذا قال سبحانه : (سَواءً لِلسَّائِلِينَ) (٥) ، وقال : (يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٦) بألسنة قبولهم واختيارهم واستعدادهم كل يوم ، أي آن من الآنات ،
__________________
(١) الأعراف : ١٥٦.
(٢) لم أظفر على مصدر له.
(٣) سورة مريم : ٩٣.
(٤) الحجر : ٢١.
(٥) فصلت : ١٠.
(٦) الرحمن : ٢٩.