يَشاءُ) (١) وقوله : (أَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) (٢).
وأمّا رحمة العدل فلا بد أن يجري على حسب القبول والاستعداد والحكمة والتربية ، ولذا يشترك فيها المؤمن والكافر ، والبر والفاجر.
بل رحمة العدل ليس شيء منها يسأل أو يطلب ، لأن الخوف كل الخوف من عدله تعالى ، ولذا ورد : «إلهي ربّ عاملنا بفضلك ولا تعاملنا بعدلك» وفي الدعاء : «كل خوفي من عدلك» وورد في قوله : (وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) (٣) ، أنّ المراد هو الاستقصاء والمداقّة فسمّاه سوء الحساب.
وعلى هذا فكيف يستقيم الاستشهاد بالآية سيّما بعد ملاحظة ما سبق ، ومقابلتها بالمكتوبة مع أنّ ظاهره الاستدلال بعموم الشيء.
وربما يجاب بأن الله تعالى حيث إنّه عالم السر والخفيات يعلم مراد السائلين ، ويطلع على ضمائر الطالبين ، خاطبه الداعي بما عنده مما يعلمه أن الله يعلم ما في سره وقلبه ، فكأنه أراد بقوله : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) أنّ فضلك شامل ، فوسع كلّ من رضيت دينه ، وأنا يا إلهي ممن ترضى دينه لإيماني بالتوحيد والنبوة والولاية ، وإتياني بما أمرتني به خاضعا مسلما ، فلتسعني رحمتك ، ولا تؤاخذني بالمعاصي الذي اقترفت واغفرها لي.
وحاصله كما صرّح به هذا القائل تخصيص الشيء في الآية وإطلاق الرحمة الواسعة على رحمة الفضل.
قلت : ويمكن أن يكون الإطلاق في الدعاء على فرضه ، حيث إنّي لا
__________________
(١) البقرة : ١٠٥.
(٢) هود : ٣.
(٣) الرعد : ٢١.