الغيث ، وبهم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، وذلك أنّ اله تعالى فتح بهم كلّ بر وخير ، بل كلّ خلق وإيجاد وإمكان.
كما رواه جابر بن عبد الله عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على ما هو المروي في «رياض الجنان» قال : قلت : يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أوّل شيء خلقه الله ما هو؟ فقال :
«نور نبيك يا جابر خلقه الله ، ثم خلق منه كل خير ، ثم أقامه بين يديه في مقام القرب ما شاء الله ثم جعله أقساما ، فخلق العرش من قسم ، والكرسي من قسم ، وحملة العرش وخزانة الكرسي من قسم.
وأقام القسم الرابع في مقام الحب ما شاء الله ، ثم جعله أقساما فخلق القلم من قسم ، واللوح من قسم والجنة من قسم.
وأقام الرابع في مقام الخوف ما شاء الله ، ثم جعله أجزاء ، فخلق الملائكة من جزء ، والشمس من جزء ، والقمر والكواكب من جزء ، وأقام القسم الرابع في مقام الرجاء ما شاء الله ، ثم جعله أجزاء فخلق العقل من جزء ، والعلم والحلم من جزء ، والعصمة والتوفيق من جزء ، وأقام القسم الرابع في مقام الحياء ما شاء الله ، ثم نظر إليه بعين الهيبة فرشّح من ذلك النور قطرات : مائة ألف وأربعة عشرون ألف قطرة ، فخلق الله من كل قطرة روح نبي ورسول ، ثم تنفّست أرواح الأنبياء فخلق الله من أنفاسها أرواح الأولياء والشهداء والصالحين» (١) الخبر بطوله.
فهم الرحمة العامة ، والكلمة التامة ، ومبدء الإيجاد ومادة المواد ، ومعطي القابلية والاستعداد ، بإذن الوهاب الجواد.
فإنّ المشية الكلية تقوّمت بالحقيقة المحمدية تقوّم ظهور ، فظهرت وأشرقت أرض الإمكان والأكوان بنورها ، وظهرت الأشعة بإشراقها ، هي الزيتونة التي يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار.
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٢٥ / ٢١ ـ ٢٣ ، ح ٣٧.