فإنّه مبنيّ على اتحاد المعنى الذي أخذت منه الصيغتان ، وقد سمعت أنه قد أخذ كلّ منهما من غير ما أخذت منه الأخرى.
ثم إن قاعدة دلالة زيادة المباني على زيادة المعاني قد نقضت بحذر وحاذر ، فإن الأول أبلغ كما صرّحوا به ، وأجيب بأن الشرط اتّحاد الكلمتين بأن يكون كل واحد منهما اسم فاعل أو صفة مشبهة مثلا ، سلّمنا لكن القاعدة أغلبية لا كلية سلّمنا لكن أبلغية حذر إنّما نشأت من إلحاقه بالغرائز كنهم وفطن ، فجاز أن يكون حاذر أبلغ لدلالته على زيادة الحذر بسبب زيادة لفظه ، فأبلغية حذر إنّما هو من حيث الثبوت والاستمرار ، وأبلغية حاذر من حيث الشدّة من غير إفادة الاستمرار ، فتأمل ، فإن الزيادة منتفية حينئذ بل الحاصل المساوات في جهة الزيادة.
وهذه الوجوه وإن كانت بحذافيرها ساقطة في خصوص المقام على ما أصّلناه لك سابقا من اختلاف المادّة معنى ، إلّا أن القاعدة لا بأس بها على وجه الغلبة لو لم ندّع الكلية بعد التأمل في قواعد الاشتقاق ، وكون الداعي في زيادة الحروف على المبادي واعتوار الهيئات المختلفة عليها إفادة الخصوصيات الزائدة.
ولذا ربما يستشهد عليها بالكلام الموروث عن العبد الصالح آصف بن برخيا حيث قال : إنّ الأشكال مغناطيس الأرواح ، فإنّ الروح في الجسد كالمعنى في اللفظ ، كما في العلوي.
ثمّ إنه قد ظهر مما مرّ كون الرحمن وصفا ، وأنّه تابع لاسم الجلالة معنى وإعرابا ، وربما يحكى عن جماعة كابن مالك والأعلم وابن هشام كونه علما بالغلبة ، فلا يجوز كونه وصفا ، بل يتعيّن كونه بدلا من لفظ الجلالة ، وبه أسقطوا سؤال الزمخشري وغيره عن سبب تقديم الرحمن مع أنّ عادتهم تقديم غير الأبلغ كقولهم عالم نحرير ، وجواد فياض.
بل استدلّوا أيضا لذلك بمجيئه كثيرا غير تابع نحو (الرَّحْمنُ عَلَّمَ