هذه المادة لإفادة المبالغة الخاصّة المتقدمة لا مطلق المبالغة التي يبنى لإفادتها ساير الصيغ وبكل من الوجهين يحصل الجمع بين المنع عن إطلاقه إلى غيره تعالى شرعا ولغة وبين ما هو الأظهر الأشهر.
بل ادّعى بعض المحققين عليه الإجماع من كونه وصفا لا علما ، ولذا وصف به في البسملة وغيرها وأضيف فيما يظهر فيه معنى الوصفية كما في الدعاء : «يا رحمن الدنيا والآخرة» وغير ذلك مما ينافي العلمية.
وأمّا ما ذكره أخيرا من أنّ عدم صحة الإطلاق إتباع للاستعمال ففيه ما لا يخفى ، سيما بعد ورود الشرع بالمنع عنه ، ضرورة أنه لا يكون ذلك إلا باعتبار المعنى.
ومما يؤيّد ما ذكرناه من المغايرة بحسب المعنى ما ذكره الصدوق في كتاب «التوحيد» حيث قال : أنه يقال للرجل : رحيم القلب ، ولا يقال : الرحمن ، لأن الرحمن يقتدر على كشف البلوى ولا يقدر الرحيم من خلقه على ذلك.
قال : وقد جوّز قوم أن يقال للرجل : رحمن ، وأرادوا به الغاية في الرحمة وهذا خطأ (١).
أقول : فانظر كيف أخذ الرحمن من الفعل الربوبي الذي يعجز عنه الرحيم من خلقه ، وكيف حكم بخطإ من أخذه من الرحمة التي هي مادة الرحيم مع اعتبار المبالغة فيها.
ومن تصانيف ما مرّ يظهر لك ضعف ما قيل أيضا من أنّ السبب في أبلغية اسم الرحمن زيادة البناء لأنها تدل على زيادة المعنى كما في قطع وقطّع ، وكبار وكبّار.
__________________
(١) توحيد الصدوق : ص ٢٠٣ ، باب أسماء الله تعالى.