أما الأول ، فلأنه مع تعيّن الذات يكون اسما لا صفة ، والمفروض خلافه.
وأما الثاني فلأنّ زيادة المبالغة في الصفة لو استدعى البلوغ إلى الغاية لكان العلّام لا يصدق إلّا عليه سبحانه ، فإنه البالغ إلى غاية العلم ، وكذا الكبّار بالتشديد لا يصدق إلّا عليه ، لأنه البالغ إلى غاية العظمة والكبرياء ، فإذن معنى لفظ الرحمن لا يستدعي أن يختصّ هذا الاسم به سبحانه ، ومقتضى القياس صحّة إطلاقه على كل من وجد فيه معناه ، لكنّه خصّ الاستعمال عليه تعالى ، فلم يصحّ إطلاقه على غيره تعالى اتباعا للاستعمال ، كما أوجب حذف عامل سقيا وو رعيا اتباعا له والقياس جواز ذكره.
أقول : وهو مدفوع بأنّ المراد هو الوجه الثاني ، لكن الصفات على قسمين : صفات ربوبيّة وصفات عبودية ، وقد سمعت سابقا أن إطلاق ما يجوز إطلاقه على الله وعلى خلقه ليس على سبيل الاشتراك المعنوي ، بل إطلاقه على كل منهما بمعنى غير الآخر ، كما وقع التصريح به في أخبار أهل البيت عليهمالسلام.
فالرحمة التي وضع الرحمن للمتصف بها هي الرحمة التي لا يمكن صدورها من غيره كالإبداع والإيجاد وإنشاء الرحمة الواسعة والمشيّة الكلية ، والحقيقة المحمدية ، بل هكذا غيرها من الفيوض الدنيوية والأخروية ، فإنّ جميعها منه سبحانه ، وهو المنعم بها على خلقه لا غيره ، ولو كان لغيره مدخلية فيها ، فإنما هي على وجه الوساطة والتبعية والتلقي.
فالرحمة المأخوذة مادة للرحمن إنما أخذت بهذا المعنى ، وهيئة المبالغة الحاصلة بزيادة الألف والنون إنما أفادت عموما في الخصوص.
ومن هنا يسقط النقض بمثل العلّام فإن الاختصاص لم يصل من مجرّد المبالغة ، ولذا لا نقول به في الرحيم المأخوذ مادته من مطلق الرحمة.
وفي المقام وجه آخر وهو البناء على اتحاد المادة فيهما إلا أن بناء فعلان من