هي نفس الفقر الكلي المحيط به من جميع جهاته ، لا جرم ينبغي له الاستعانة والالتجاء إلى الله سبحانه بجميع أسماءه وصفاته وهي وإن كانت غير متناهية ليس لأحد الوقوف على شيء منها إلا بإلهامه وتعليمه (سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا) (١).
إلا أن هذه الأسماء الثلاثة جامعة لجميعها ، ولذا بدأ سبحانه في تعليمه لنا بالبسملة التي هي كنز من كنوز الغيبية ، بل مفتاح كليّ للخزائن الإلهية بالاسم الدالّ على الذات المستجمع لجميع الصفات الكمالية من الجمالية والجلالية.
ولذا لا يعرف منه شيء إلا تحير العقول فيه حسب ما يشهد به اشتقاقه الذي مر الكلام فيه ، ثم بالصفات الفعلية التي مرجعها بكثرتها إلى القسمين ولذا افتتحت بها السور القرآنية التي هي الحبل الممدود بين السماء والأرض.
بل عن الصادق عليهالسلام :
«ما نزل كتاب من السماء إلا أوله بسم الله الرحمن الرحيم» (٢).
وعن أبي جعفر عليهالسلام :
«أول كل كتاب نزل من السماء بسم الله الرحمن الرحيم ، فإذا قرأت بسم الله الرحمن الرحيم فلا تبالي أن لا تستعيذ ، وإذا قرأتها سترتك فيما بين السماء والأرض» (٣).
بل يظهر من الأخبار أنّ التسمية باسمه سبحانه لا يتأتّى للعبد إلا بعد الانسلاخ عن العلايق البشرية والانصباغ بالأنوار الإلهية ، وعبور النفس عن
__________________
(١) البقرة : ٣٢.
(٢) بحار الأنوار : ج ٨٥ / ٢٠ ، ح ١٠ ، عن تفسير العياشي : ج ١ / ١٩ ح ٥ ، وفيه : «ما أنزل الله من السماء كتابا إلا وفاتحته بسم الله ...».
(٣) الكافي : ج ٣ / ٣١٣ ، ح ٣ ، وعنه البحار : ج ٨٥ / ٦.