ذات الواجب تعالى إمّا أن يستجمع جميع شرائط التأثير في الأزل أو لا؟
فعلى الأول يلزم القدم ، ضرورة امتناع تخلف المعلول عن علته العامة.
وعلى الثاني يتوقف وجود الأثر وهو العالم على شرط حادث ، وننقل الكلام إليه حتى يلزم التسلسل الذي قامت القواطع العقلية على استحالته ، بل استدلوا على نفي إرادته الحادثة بأدلة ضعيفة واهية ، سنشير إن شاء الله تعالى إلى الجواب عنها ، وعن ساير ما استدلوا به للقدم في موضع أليق.
ولعل اختيار الحمد في المقام على المدح للإشعار بكون محامده اختيارية وبعد الإحسان ، إذ المدح على ما قيل أعم من كون الممدوح به اختياريا أو لا ، صدر قبل الإحسان أو بعده.
مضافا إلى ما قيل : إن المدح مذموم ، للعلوي : «أحثوا التراب في وجوه المداحين» (١).
والحمد مأمور به لقوله : «من لم يحمد الناس لم يحمد الله» (٢).
وإن كان لا يخلو من تكلف ، إذ منشأ الذم فيه بعض الجهات الخارجية كالإطراء ، ومجاوزة الحد ، وشوب النفاق ونحوها.
واما اختياره على الشكر فلأن الشكر إنما هو بإزاء ما وصل من النعم إلى الشاكر ، وأما الحمد فإنما هو بإزاء ما عليه النعم من المحامد.
ولذا ورد : «الحمد لله كما هو أهله ومستحقه» (٣).
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٧٣ / ٢٩٤ ، ح ١ عن أمالي الصدوق : ص ٢٥٦ ، وفيه : «احثوا في وجوه المداحين التراب» ، وجعله من مناهي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٢) التفسير الكبير للفخر الرازي : ج ١ / ٢١٨.
(٣) بحار الأنوار : ج ٨٦ / ١٦٣ ، ح ٤٣.