فيها إلا أن جميع ما للعبد من الآلات والأدوات والأعضاء والجوارح والمشاعر والقوى وغيرها كلها فائضة من الله وهو سبحانه يستحق الحمد والشكر على إفاضتها وإبقائها في كل آن من الآنات بما لا يقوم به أحد من عبيده حسب ما مرت إلى جملة منها الإشارة.
هذا مضافا إلى أن البناء على مسألة خلق الأعمال ، كما أنه يمنع من الحمل على الاستغراق كذلك يمنع من الحمل على الجنس فإنه لا يصح حينئذ اختصاص الجنس به سبحانه ، والحمل على التوسع وأصول النعم مشترك بالنسبة إلى المعنيين.
وقد ذكر في «الكشاف» في قوله (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (١) أن اللام فيه للجنس فيتناول كل محسن (٢) ، وفي قوله : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) (٣) أنه للجنس مع وجود الاستثناء الدال على شمول الإفراد.
إلا أن يقال : إنه قد أراد بالجنس هنا غير ما أراد به هناك كما قيل ، وهو كما ترى.
ومنها أن هذه المصادر نائبة مناب الفعل وسادّة مسدّه والأصل فيها النصب والعدول إلى الرفع بجمل الجملة اسمية للدلالة على الدوام والثبات ، والفعل إنما يدل على الحقيقة دون الاستغراق فكذا ينوب منابه.
وفيه أن النائب عن الفعل إنّما هو المصدر المجرد القائم مقامه إذ هو المؤدى لمدلوله ، وأما المعرف باللام فلا مانع من استفادة الاستغراق منه من جهة التعريف الذي هو بمنزلة القرينة ، أو من باب تعدد كل من الدال والمدلول.
على أن النيابة إنما هي في جوهر الكلمة لا في جميع مقتضيات الصورة
__________________
(١) آل عمران : ١٣٤.
(٢) الكشاف : ج ١ / ٤٦٤ ط بيروت.
(٣) العصر : ١.