معانيها ولو لإرجاعها إلى معنى واحد أو لاعتبار مراتب البطون ، فإن القرآن ذلول ذو وجوه وله ظهور وبطون ، فلا أقل من حملها على الاستغراق الجنسي الدال على استيعاب جميع الأفراد التي تقدمت إليها الإشارة وأما ما في «الكشاف» من أنه لتعريف الجنس ومعناه الإشارة إلى ما يعرفه كل أحد من أن الحمد ما هو نحو التعريف في «أرسلها العراك» (١) وإن الاستغراق الذي يتوهمه كثير من الناس وهم منهم (٢) ـ انتهى.
ففيه أنه أولى بالوهم لما سمعت ، نعم ذكر المتعرضون لكلامه في توجيهه وجوها.
منها : أنه مبني على مسألة خلق الأعمال ، فإن أفعال العباد لما كانت مخلوقة لهم عند المعتزلة الذين هو منهم كانت المحامد كلها راجعة إليهم ، فلا يصح اختصاص المحامد كلها به سبحانه ، وفيه : أنه لا يمنع أن تمكين العباد وإقدارهم على الأعمال التي يستحقون بها الحمد إنما هو منه سبحانه بل لوح إليه في سورة التغابن حيث قال في قوله : (لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ) (٣) قدم الظرفان ليدل بتقديمهما على اختصاص الملك والحمد بالله تعالى لأنهما على الحقيقة ، لأنه مبدء كل شيء ومبدعه ، وأصول النعم وفروعها منه ، ثم قال : وأما حمد غيره فاعتداد بأن نعمة الله جرت على يده (٤) انتهى.
وبالجملة فالأفعال وإن كانت منسوبة إلى العبيد من حيث إن لهم الإختيار
__________________
(١) من كلام لبيد العامري ان ربيعة الشاعر المخضرم المتوفي في أول خلافة معاوية في بيت :
وأرسلها العراك ولم يذدها |
|
ولم يشفق على نغص الدخال |
(٢) الكشاف ج ١ ص ٤٩ ط بيروت دار الفكر.
(٣) الغابن : ١.
(٤) حاشية الكشاف للسيد الشريف علي بن محمد الجرجاني المتوفي (٨١٦) ص ٥٢ ر ط بيروت دار الفكر.