الله إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ) (١).
وهذه مناقضة لطيفة لإبطال آراء المشركين وهو نظير الاستدلال للتوحيد بقوله عزّ من قائل : (وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) (٢) وهو دليل رقيق لطيف جدّا على نوعي التوحيد بل أنواعه لمن تأمله.
ثم إنه يؤيّد ما ذكرناه من معنى الربوبية ، بل وإرجاع معانيها إلى ما سمعت ما رواه مولانا العسكري عليه وعلى ابنه الحجة وعلى آبائه آلاف الثناء والتحية في تفسيره.
وفي «الاحتجاج» أيضا عن السّجاد عليهالسلام أنّ رجلا أتى أمير المؤمنين عليهالسلام فقال : أخبرني عن قوله عزوجل : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ما تفسيره؟ فقال :
«الحمد لله هو أن عرّف الله عباده بعض نعمه عليهم جملا ، إذ لا يقدرون على معرفة جميعها بالتفصيل ، لأنّها أكثر من أن تحصى أن تعرف ، فقال لهم : قولوا الحمد لله على ما أنعم به علينا ربّ العالمين ، يعني مالك العالمين ، وهم الجماعات من كلّ المخلوق من الجمادات والحيوانات ، فأما الحيوانات فهو يقلّبها في قدرته ، ويغذّيها من رزقه ، ويحوطها بكنفه ، ويدبّر كلا منها بمصلحته.
وأمّا الجمادات فهو يمسكها بقدرته يمسك ما اتصل منها أن يتهافت ، ويمسك المتهافت منها أن يتلاصق ، ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه ، ويمسك الأرض أن تنخسف إلّا بأمره ، إنه بعباده رؤف رحيم.
قال عليهالسلام : و (رَبِّ الْعالَمِينَ) مالكهم وخالقهم وسائق أرزاقهم من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون ، فالرزق مقسوم ، وهو يأتي ابن آدم على أيّ سيرة سارها من
__________________
(١) يوسف : ٤٠.
(٢) سورة النحل : ٥١.