وسائط لإفاضته التشريعية مع عدم قابلية الداني لتلقي الفيض إلا بالوسائط ، فهم كالمرآة المحاذي لشمس وجود الحق قد تجلى لها ربها فأشرقت ، وطالعها فتلألأت ، وألقى في هويتها مثاله فأظهر عنها أفعاله.
ولذا قال من قال :
فعلوا فعال الرب إلا أنهم |
|
بشر فضاع على الغلاة الفارق |
جعلوا الذي قد كان نفس نبيهم |
|
هو نفس خالقهم تعالى الخالق |
لا عذر للنصاب والغالي له |
|
عذر لبعض ذوي العقول موافق |
كفرت به الفئتان لكن ليستا |
|
شرعا (١) فإن النصب كفر خارق |
لا ينسب الإسلام للغالي له |
|
فإن ادّعى الإسلام فهو منافق |
لو شاء تعطيلا لأفلاك السماء |
|
ما عاقه عن مثل ذلك عائق |
وبكفّه القلم الذي في جبهة |
|
الاشهاد يكتب مؤمن أو فاسق |
ساووا كتاب الله إلّا أنه |
|
هو صامت وهم الكتاب الناطق |
وقال ابن أبي الحديد في قصيدته البائية :
تقيّلت (٢) أفعال الربوبية التي |
|
عذرت بها من شكّ أنك مربوب |
وبالجملة ، فلهم الربوبية الفعلية ، بل هم نفس الربوبيّة في مقام الفعل ، لكونهم نفس المشية أو محالّها ، كما عن الحجة عجل الله فرجه : «إن قلوبنا أوعية لمشية الله فإذا شاء الله شئنا وما تشاؤون إلا أن يشاء الله» (٣).
وفي مقام الفعل يتحد الوصف والموصوف ، فافهم.
__________________
(١) الشرع ـ بكسر الشين ـ : المثل.
(٢) تقيل : قال في «المنجد» : تقيل أباه : أشبهه.
(٣) بحار الأنوار : ج ٢٥ / ٣٣٧ ، ح ١٦ ، عن غيبة الطوسي : ص ١٥٩ ، والآية في سورة الدهر : ٣٠.