الصور لتقع تحت أبصارنا لما تقبل إلّا الصورة التي عملها قيدارس الصانع.
وكيف كان فقد استدلّوا لإثبات أرباب الأنواع بوجوه : أحدها : أنّ لكلّ نوع من أنواع النباتات والحيوانات والمعادن أفاعيل خاصة به لا يشاركه فيها غيره ، بل ربما تكون تلك الآثار والخواص مختلفة باختلاف القوابل وسائر المشخصات ، وصدور تلك الأفاعيل من القوى الطبيعية التي لا شعور لها أصلا ممتنعة جدا ، كيف ولو تأمل المتأمل لم يجد فيها شيئا من الاختلاف والنقصان والتخلف بوجه من الوجوه ، فحفظ تلك الا وصدورها على طريقة مستمرة مستقرة دليل على أن لكل نوع من تلك الأنواع ربا ملكوتيا عالما شاعرا مفيضا على الأشخاص الجزئية التي تحت نوعها ممدا لها بأنواع الإمدادات والإفاضات والخيرات ، حافظا لها من الزيادة والنقصان حسب ما يقتضيه نوعه بعد ملاحظة المشخصات الفاعليّة والقابلية.
ثانيها : أن الأفراد التي تحت نوع واحد من الأنواع من اختلافها بحسب المشخصات الفردية بحيث لا يكاد يوجد فيها فردان متفقان في جميع الخصوصيات والمشخصات متفقة في حد عرضي محفوظ عن الزيادة والنقصان ولو مع اعتبار الطواري والعوارض والمقتضيات الخارجة مثلا لأشخاص الإنسان حد من الطول والعرض واللون والقوة والإدراك والفهم وسائر الكمالات ، وكل شخص من أشخاصه متردد بين طرفي حدود نوعه وليس لهذه الحدود حافظ سوى رب النوع ، فهو حافظ الكمالات ومصدرها وممدها.
ولذا قيل : إن هؤلاء يتعجبون ممن يقول : إنّ الألوان العجيبة في ريش من رياش الطواويس إنما كان لاختلاف أمزجة تلك الريشة من غير قانون مضبوط ورب نوع حافظ.
وسبب التعجب أنّك ترى تلك الألوان مترتبة على مناسبات صناعية ومشاكلات تعمدية لا اتفاقية مع توافق المتقابلين منها في المقادير والألوان