النفس وغيره فلاحظ ، بل في أوّله التصريح بنسبته إليه.
وعلى كل حال فكلام هذا الفيلسوف العظيم في هذا الكتاب يشير إلى شيئين أحدهما إثبات عالم المثال والمقادير المجردة والهور قليا ، وأن في ذلك العالم جميع ما في هذا العالم من الفلكيات والعنصريات والمواليد بأجناسها وأنواعها وأصنافها على وجه أشرف وألطف وأعلى وأبهى وأصفى وهذا هو الذي أشير إليه في الأخبار بمدينة جابلسا وجابلقا ، وجنة أبينا آدم ، وهما الجنتان المدهامّتان اللتان تظهران في آخر الزمان.
ولعل هذا هو المراد المثل الأفلاطونية التي يحكى عنه القول بها ، حيث ذهب إلى أن بين عالمي المحسوس والمعقول واسطة تسمى عالم المثل وهو برزخ بين العالمين من حيث التجرد والتعلق وفيه لكل موجود من الموجودات مثال قائم بذاته معلق لا في مادة ، وربما يظهر للحس بمعونة مظهر كالمرآة والخيال والماء وغيرها من الأجسام الصيقلية.
والآخر أن الأشياء كلها وإن كانت صدرت وأفيضت من الصانع الحق والمبدع المطلق إلّا أن بعضها صدرت منه بلا واسطة وبعضها بالواسطة ، وهذه الأشياء المحسوسة من جميع ما في هذا العالم لها وسائط عالية ومبادئ متعالية تتلقى بواسطتها الفيوض الإلهية والأنوار الربانية ، وللنفس الإنسانية خاصية الإحاطة والاستيلاء والاطلاع على تلك المبادئ وإن لم يشاهدها بالعين الحاسة الناسوتية.
قال : والدليل على صدق ما قلناه قيدارس الصانع فإنّه لما أراد أن يعمل صنم المشتري لم يره في شيء من المحسوسات ، ولم يلق بصره إلى شيء يشبه به لكنه ترقى توهمه فوق الأشياء المحسوسة فصوّر المشتري بصورة حسنة جميلة فوق كل حسن وجمال من الصور الحسنة ، فلو أنّ المشتري أراد أن يتصور بصورة من