السفلي ، وأن الإنسان السفلي إنما ينال الحس من الإنسان الكاين في العالم الأعلى العقلي.
وقال في موضع آخر : إن البارئ الأول أبدع جميع الأشياء بغير رويّة ولا فكرة ، فأبدع العالم الأعلى ، وفيه جميع الصور تامة كاملة من غير رويّة لأنه أبدعها بأنه فقط لا بصفة أخرى غير الإنية ، ثم أبدع هذا العالم الحسي وصيّره صنما لذلك العالم.
فإن كان هكذا قلنا : إنه لما أبدع الفرس وغيره من الحيوان لم يبدع ليكون هنا ، لكنه أبدعه ليكون في العالم التام الأعلى الكامل ، وأنه أبدع جميع صور الحيوان وصيّرها هنالك بنوع أعلى وأشرف وأكرم وأفضل ، ثم أتبع ذلك الخلق هذا الخلق إلى غير ذلك من عباراته المكررة في «أثولوجيا» حيث إنه صرح بثبوت الإنسان العقلي ، والفرس العقلي ، والنباتات ، والحبوب ، والحيوانات العقلية ، بل السموات العلى العقلية ، والأرضين السفلى الحية الشاعرة وساير الصور الحية المدركة المجردة الإلهية ، ويجعلها وسائط للفيوض النازلة إلى هذه الأجسام السفلية الناسوتية ومربية لها.
لكن الشيخ الرئيس في كتبه بل وسائر المشائين لما لم يسلكوا مسلكهم ولم يشربوا مشربهم ، لم يذهبوا مذهبهم بل بالغوا في الرد والإنكار عليهم بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله.
ولذا طفق (١) الشيخ الرئيس يقدح على أفلاطون وسقراط قدحا عظيما وكأنه لم ينظر إلى ما ذكره المعلم الأول في «أثولوجيا» أو أنه لم ينسبه إليه بل إلى أفلاطن ، كما قيل لكنه بعيد جدا لأنه يحكي عن أفلاطون كثيرا ، كما في شرح
__________________
(١) طفق : ابتدأ وأخذ.