على أن لكل نوع من الأنواع الجسمانية فردا كاملا في عالم الإبداع ، وأنه هو الأصل والمبدأ لساير أفراد النوع وهي فروعه ومعاليله وآثاره ، وذلك الفرد لتمامه وكماله لا يفتقر إلى محل ، بخلاف هذه التشخصات التي هي لضعفها ونقصها مفتقرة إلى المادة وعوارضها ، ولذا جاز اختلاف أفراده حقيقة واحدة في القيام بالمادة وعدمه لاختلافها كمالا ونقصا.
إلى غير ذلك من الاحتمالات التي لا داعي للتعرض لها بعد وضوح ضعفها على أن نسبة تلك المطالب السخيفة إلى ذلك القائل رجم بالغيب واتهام بالعيب فإن الصور العلمية منفية عندنا ، بل عند معشر الموحدين ، وترتب العقول غير ثابت وأدلتهم ضعيفة ، كعدم ثبوت الفرد الكامل من النوع بنفسه.
نعم ، قد قررنا في موضعه أن الذوات والماهيات والذاتيات ، بل كل ما كان له نحو من الامتياز كلها مجعولة مخلوقة لله سبحانه في صقع الإمكان أو الأكوان ، غير مفتقرة في تحققها إلى شيء من المشخصات الفردية ، ويترتب عليها في صقع وجودها جملة من الأحكام والآثار والخواص وهي المعبر عنها بالأمور الواقعية والقضايا النفس الأمرية وبحسبها يعتبر الصدق والكذب.
ولعل كلام الشيخ الرئيس لا يأبى عن حمله على هذا ، كما أن كلام أفلاطون يمكن حمله على إرادة عالم المثال الذي هو البرزخ بين المحسوس والمعقول ، ولذا سموه ب «المثل الأفلاطونية».
وكيف كان فالخطب فيه سهل ، إذ المهم إنما هو تحقيق الحقائق لا تعيين المقاصد ، مع أن ما ذكرناه على وجه الاحتمال لا التسجيل (وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ).