فإنّه هو الرحمة الكليّة والمشيّة الإلهيّة الّتي خلقت العوالم بجملتها من أشعّة نوره ، وظهرت بفاضل ظهوره ، بل الأنبياء عليهمالسلام خلقوا كافّة من رشحات ناسوته وطفحات رحموته ، ولذا ورد في الخبر الّذي رواه في البحار عن ابى الحسن البكري (١) أستاذ الّشهيد الثاني في كتاب الأنوار عن مولينا أمير المؤمنين عليهالسلام أنّ نور نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد ما سبّح الله في الاثنى عشر حجابا وفي العشرين بحرا حسب ما فصّل في الخبر ، قال : فلمّا خرج من آخر الأبحر قال الله تعالى : يا حبيبي ويا سيّد رسلي ويا أوّل مخلوقاتي ، ويا آخر رسلي أنت الشفيع يوم المحشر ، فخرّ النور ساجدا ثم قام فقطرت منه قطرات كان عددها مائة ألف وأربعة وعشرين ألف قطرة فخلق الله تعالى من كلّ قطرة من نوره نبيّا من الأنبياء ، فلمّا تكاملت الأنوار صارت تطوف حول نور محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم كما تطوف الحاجّ حول بيت الله الحرام ... الخبر بطوله (٢) والأخبار بهذا المعنى كثيرة ، ولذا قال شيخنا المجلسي في أوّل البحار : إنّه قد ثبت بالأخبار المستفيضة أنّهم عليهالسلام الوسائل بين الحق والخلق في افاضة جميع الرّحمات والعلوم والكمالات على جميع الخلق ، فكلّما يكون التوسّل بهم
__________________
(١) البكري أبو الحسن أحمد بن عبد الله البكري ولكنّه ليس من أساتذه الشهيد الثاني ، بل هو من العلماء الإماميّة المتقدّمية ولتشيّعه صار متّهما بالكذب وانتسابه إلى المذاهب الفاسدة وكتابه «الأنوار» في مولد النبيّ المختار كما ترجمه شيخنا المجيز آقا بزرگ الطهراني قدسسره في سبعة أجزاء كما ذكره كشف الظنون وجعله العلامة المجلسي مع كتابيه الآخرين : «مقتل أمير المؤمنين عليهالسلام ووفاة فاطمة الزهراء سلام الله عليها» من مآخذ البحار عند ذكر كتب الخاصّة ونسب الثلاثة الى أبى الحسن البكري المصري الذي قرأ عليه الشهيد الثاني بمصر وتوفى بها سنة (٩٥٣) ولكن نسبة الكتب الثلاثة الى ذلك المصري سهو بل هي من مصنّفات البكري المتقدّم وصرّح به ابن تيميّة المتوفى (٧٢٨) في كتابه منهاج السنّة ، راجع الذريعة ج ٢ / ٤٠٩ ـ ٤١٠ رقم ١٦٣٨.
(٢) بحار الأنوار ج ٥٧ / ١٩٨ ـ ٢٠٠ ، ح ١٤٥.