والإذعان بفضلهم أكثر كان فيضان الكمالات من الله تعالى أكثر ، انتهى (١).
فهو صلىاللهعليهوآلهوسلم وأوصيائه عليهمالسلام هم الواسطة في إيصال الفيوض الإلهية على جميع من سواهم في جميع العوالم المتناهية الامكانيّة ، بلا فرق بين إفراد العالم وجمعه ، لشموله للكلّ على الوجهين شمول الكلّ لأجزائه أو الكلّى لجزئيّاته.
فاذا اعتبر العالم مفردا على الإطلاق غير مضاف ولا مقيّدا بشيء دخل فيه جميع ما سوى الله ، وإذا اعتبر متعددا ، اثنين فصاعدا فلا بدّ من فصل ذاتيّ أو عرضيّ مقسّم للجامع. فيقال : إنّه اثنان عالم الغيب والشهادة ، أو الظاهر والباطن ، أو الأمر والخلق ، أو العقل والمعقول ، أو الوجود المطلق والمقيّد ، أو المادّى والمجرّد ، أو البسيط والمركّب ، لكن لا يخفى عليك أنّ التجرّد والبساطة لا ينافيان التركيب في رتبة الإمكان ولو من المادّة والصورة ، فإنّ كلّ ممكن زوج تركيبىّ حتى العقل ، بل المشيّة أيضا وإن اضمحلّت فيهما سيّما الثاني جهة الماهيّة الّتي توجب التركيب في كلّ ممكن ، بل المراد التجرّد عن المادة العنصريّة والمدّة الزمانيّة.
فما ربما يحكى عن شيخنا المجلسي في أوّل البحار من الحكم بكفر من قال : بإثبات مجرّد غير الله تعالى ليس في محلّه على الإطلاق بل لعلّه لا نزاع فيه أصلا على أنّ عبارة المجلسي ليست صريحة في ذلك ، بل لعلّها ظاهرة في خلافه حيث قال : المعنى السّادس ممّا يطلق عليه العقل ما ذهب اليه الفلاسفة وأثبتوه بزعمهم من جوهر مجرّد قديم لا تعلّق له بالمادّة ذاتا ولا فعلا ، والقول به كما ذكروه مستلزم لإنكار كثير من ضروريّات الدين من حدوث العالم وغيره ، وبعض المنتحلين منهم للإسلام أثبتوا عقولا حادثة وهي أيضا على ما أثبتوها مستلزمة لإنكار كثير من الأصول المقرّرة الاسلاميّة مع أنّه لا يظهر من الأخبار وجود مجرّد
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١ / ١٠٣.