سوى الله .... الى أن قال :
فلو قال أحد بجوهر مجرّد لا يقول بقدمه ولا بتوقّف تأثير الواجب في الممكنات عليه ، ولا بتأثيره في خلق الله الأشياء ويسمّيه العقل ويجعل بعض الأخبار الواردة في العقل منطبقا عليه فيمكنه أن يقول : إنّ إقباله عبارة عن توجّهه إلى المبدأ ، وإدباره عبارة عن توجّهه الى النفوس لإشراقه عليها. انتهى (١).
وظاهره عدم الثبوت لا ثبوت العدم فضلا عن التكفير بإثباته.
وأمّا العوالم الثلاثة فالوجود الحقّ والوجود المطلق الذي هو الفعل والارادة والمشيّة ، والوجود المقيّد الذي ما دونه من عالم الخلق ، والى هذه الثلاثة الاشارة بقوله في الحديث القدسي : «كنت كنزا مخفيّا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق كى أعرف» (٢) فالكنز المخفي هو غيب الغيوب والمجهول المطلق لا اسم له ولا رسم ، الطريق مسدود ، والطلب مردود ، وجوده إثباته ، ودليله آياته ، والمحبّة الكليّة هي عالم المشيّة أوّل من قرع باب الإمكان وأشرق على أفق الأكوان ، والثالث المخلوق الذي هو في رتبة المفعول.
وإذا اعتبرت الثلاثة في رتبة الإمكان فهي جبروت المشيّة بالصفات الفعليّة ، وملكوت المجرّدات ، وناسوت الماديّات العنصريّة ، والمدّة الزمانيّة ، أو في رتبة المفعول فهي العقول المجردة من المادّة ذاتا وفعلا ، والنفوس المجردة ذاتا لا فعلا ، والأجسام الغاسقة في ظلمة الهيولى أو أنّها الأرواح الشاملة للعقول والنفوس والأبدان والمثال الذي هو برزخ كلّي بينهما ، بل العوالم الثلاثة سارية في العمق
__________________
(١) بحار الأنوار ج ١ / ص ١٠١ ـ ١٠٣.
(٢) حديث مشهور نقل عن داود النبي ونقله بعضهم عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن ربه. قال ابن عربي في الفتوحات ج ٢ / ٣٩٢ : ورد في الحديث الصحيح كشفا الغير الثابت نقلا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن ربّه قال : «كنت كنزا ...».