النّاس ، ويوم مشهود ، ويوم الوعيد ، ويوم الموعود ، ويوم الدّين الّذى قد سمعت وجه تسمية به بمعانيه ، لكنّه خصّه بإضافة المالك أو الملك إليه مع ثبوت الوصفين له في جميع العوالم والنشئات بكلّ الاعتبارات لإفادة تعظيم ذلك اليوم ، فانّ الانتساب إلى العظيم تنبيه على التّعظيم ، ولأنّ الملك والملك الحاصلان في هذا العالم ربّما ينتسبان إلى غيره انتسابا ثانويّا بواسطة أو بوسائط مجعولا من قبله لانتفاع الخلق بهما كما قال سبحانه : (يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ) (١) ، (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) (٢) ، (وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) (٣) وقال : (أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ) (٤).
وذلك لاحتياجهم في أمر معاشهم ومعادهم ونظام أمورهم إلى هذه الأمور الاعتباريّة ، والارتباطات الّتي لا حقيقة لها سوى جعله مع أنّه هو المالك لما ملكهم وهو المالك لهم بل شتّان بين الملكيّة المجعولة لنا في أموالنا وأرقّاتنا لفائدة لانتفاعنا بها وبالتّصرف فيها في الحيوة الدّنيا وبين الملكيّة الّتي له سبحانه فيما أنشأه وقدّره وقضاه وأمضاه وخلقه وصوّره ورزقه وأتقن خلقه ، وأفاض عليه الإفاضات السّيالة الدّائمة اللّايزالية الغير المنقطعة ، بحيث لو انقطع عنها فيضه لكان عدما محضا بحتا ، وأمّا في يوم القيمة تنقطع تلك العلائق وترتفع تلك الاعتبارات لعدم الحاجة إليها بل لعدم الانتفاع بها فإنّ الأشياء المملوكة في هذه الدّنيا من سنخ هذا العالم ، فيحصل الانتفاع بها في هذه الدّار دون الدّار الاخرة كما لا يحصل الانتفاع لأهل هذا العالم بدم الحيض وإن كانوا ينتفعون بها في عالم الأرحام ، وكما لا يحصل للملك الانتفاع بالأغذية الجسمانيّة النّاسوتيّة ، ولذا لا يكون الملك
__________________
(١) البقرة : ٢٤٥.
(٢) آل عمران : ٢٦.
(٣) المائدة : ٢٠.
(٤) يس : ٧١.