عليها ، ولا ريب أنّ للعدالة طرفين يعبّر عنهما بلفظين ، وتكلّف التعبير عنهما بلفظ واحد أو إرجاعهما الى جامع واحد ولو بالتلازم قليل الجدوى ، والكلام في العدالة بالمعنى الخاصّ الذي يقابله الظلم بالمعنى الخاصّ ، وأمّا العدالة بالمعنى العامّ الشامل لجميع الأوساط كما هو الحقّ فهو امتزاج القوى وتسالمها وانقيادها تحت العاقلة بحيث يرتفع بينها التنازع.
ثالثها : أنّ الحقيقة الواحدة ربما تظهر في العوالم المتعدّدة على صور متكثرة مختلفة غاية الاختلاف حتى في الجوهريّة والعرضية ، فإنّ الجواهر القائمة بنفسها في الخارج المستغنية عن غيرها فيه باعتبار وجودها في الذهن أعراض قائمة به حسب ما ذكره الحكماء المشاوون. وان كان لا يخلو من شيء ، لكنّه لا يقدح في أصل القاعدة.
فالعلم مثلا يظهر في الدنيا على المشاعر بصورة عرضيّة قائمة بها ، وفي النوم الذي هو المثال المنفصل يظهر بصورة اللّبن كما في الخبر : وفي الآخرة بصورة النور والحياة.
والظلم الذي هو من عوارض الأفعال والأقوال في هذه النشأة ظلمات يوم القيامة.
ومن يتفكّه بغيبة أخيه المسلم فإنّما يأكل لحم أخيه ميتا.
(إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً) (١).
ومن يشرب من آنية الذهب والفضّة فإنّما يجرجر في بطنه نار جهنّم ، والجرجرة (٢) : الصبّ.
__________________
(١) النساء : ١٠.
(٢) اشارة الى ما في المجازات النبوية ص ٩٠ قال النبيّ صلىاللهعليهوآله للشارب في آنية الذهب والفضّة : «إنّما يجرجر في بطنه نار جهنّم».
وعنه البحار : ج ٦٦ / ٥٣١.