وانما زيّنا المقام بنقل كثير منه لاشتماله على فوائد مهمّة في المقام وغيره كالبيّنة على أنّ ضمائر الجمع في كثير من ايات القرآن لاقتران أوليائه بنفسه في تلك الشؤون مع كونه سبحانه على توحده وانفراده.
ولذا قال مولينا المجلسي رحمهالله بعد ذكر ما ورد في تفسير قوله تعالى : (إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ) (١) ، من الأخبار الدالّة على أنّ المراد بضمير الجمع هو النبي والائمّة عليهمالسلام : هذا تأويل ظاهر شايع في كلام العرب جار في كثير من الآيات إذ عادة السلاطين والأمراء جارية بأن ينسبوا ما يقع من خدمهم بأمرهم إلى أنفسهم مجازا ، بل أكثر الآيات الّتي وردت بصيغة الجمع وضميره كذلك كما لا يخفى على المتتبع. انتهى كلامه زيد مقامه (٢).
وكالتصريح بأنّهم عليهمالسلام ولاة الأمر حسب ما فسّر به الآيتين (٣) بل صرّح بانّ ذلك الأمر الذي هم ولاته هو من جملة الأمور التكوينية من خلق ورزق وأجل وعمل إلى آخر ما ذكره.
بل فسر بهما الأمر في قوله : (كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِنْ عِنْدِنا) (٤) والعمل في قوله : (وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) (٥) كما اليه الإشارة في الخطبة الاميرية الغديرية.
وبالجملة المتوسط في مثل تلك الشؤون على الوجه الذي سمعت ليس غلوّا فيهم ، ولا اثباتا للصفات الربوبيّة المطلقة الالهية لهم ، وقد قال مولينا أمير المؤمنين عليهالسلام على ما يحكى عن بعض الأصول : نحن اسرار الله المودعة في الهيا
__________________
(١) الغاشية : ٢٥.
(٢) ج ٢٤ / ٢٦٨ ومن الأخبار الدالّة ما رواه الكليني في الكافي ج ٨ / ١٦٢ ح ١٦٧ عن الكاظم عليهالسلام : إلينا إياب هذا الخلق وعلينا حسابهم ...
(٣) المراد بهما آية (٥٩) وآية (٨٣) من النساء.
(٤) الدخان : ٤ ـ ٥.
(٥) الأنبياء : ٢٧.