ثمّ قال رحمهالله : إن المعاني والدلالات كلّها انما تحصل بالحروف وتأليفها وترتيبها على نظم معيّن ، والحروف تحصل من انعطاف الالف اللّينية إلى الأطوار والأحوال الثمانية والعشرين فقبل انعطاف الالف لم تظهر الحروف ، فضلا عن ظهور المعاني المختلفة المتعدّدة الغير المتناهية فالالف الغير المعطوفة من حيث هي ليس فيها شيء أصلا من المعاني الّتي تظهر بالحروف.
أقول : ولعلّ التّعبير حينئذ بالألف الغير المعطوفة إشارة إلى عدم ظهور شيء من حقائقهم ومعاني ذواتهم ، ومعرفة كينوناتهم ، ومراتبهم عند الله تعالى لأحد من شيعتهم ، فضلا عن غيرهم.
وفي حديث معرفتهم بالنورانية : إنّ المؤمن الممتحن هو الذي لا يرد من أمرنا اليه شيء إلّا شرح صدره ولم يشكّ ولم يرتدد (١) ، اعلم يا أبا ذر انا عبد الله عزوجل وخليفته على عباده لا تجعلونا أربابا وقولوا ما شئتم في فضلنا فإنّكم لا تبلغون كنه ما فينا ولا نهايته فانّ الله عزوجل قد أعطانا أكبر وأعظم عمّا يصفه وأصفكم أو يخطر على قلب أحدكم فإذا عرفتمونا هكذا فأنتم المؤمنون (٢).
وفي الاحتجاج وتفسير الامام عن مولينا أمير المؤمنين عليهالسلام : لا تجاوزوا بنا العبودية ثمّ قولوا ما شئتم ولن تبلغوا وإياكم والغلوّ كغلو النصارى فانى برىء من الغالين (٣).
وفيه اشارة إلى معنى الغلوّ المنهي عنه فيهم ، وانه ما قيل فيهم من الصفات
__________________
أو بابان؟ فقلت : جعلت فداك ، فما يروى من فضلكم من الف الف باب الّا باب أو بابان؟ قال :
فقال : وما عسيتم أن ترووا من فضلنا ما تروون من فضلنا الّا ألفا غير معطوفة».
(١) وفي البحار : ولم يرتب.
(٢) بحار الأنوار : ج ٢٦ / ٢ عن والده.
(٣) البحار : ج ٢٥ / ٢٧٤ ح ٢٠ عن تفسير الامام عليهالسلام ص ١٨ والاحتجاج للطبرسي ص ٢٤٢.