لكن لا يخفى أن السورة اسم لتلك الطائفة لا للمحيط بها.
فالوجه أن يقال : إنها أحاطت بجملة من الحقائق والمعارف واللطائف إحاطة سور المدينة على ما فيها بحيث يحفظها ويسترها ويكشف عنها.
أو من السورة التي هي الرتبة (١) ، لترتبها وضعا شرعيا أو جعليا أو لترقي القارئ لها فيها أو بها إلى جزيل الثواب وحسن المآب ، وتدرج المتخلق بها إلى مدارج القدس ومعارج الأنس (٢).
هذا كله إذا جعلت واوها أصلية ، وإن جعلت مبدلة من الهمزة فمن السؤر التي هي الفضلة والبقيّة والقطعة من الشيء لأنها اقتطعت من القرآن لفوائد نشير إليها ، بل هي حقايق متأصلة ممتازة في أنفسها مقطع كل منها عما سويها (٣).
__________________
فكل سورة في الحقيقة بين المؤمنين والكافرين ، يدفع بها أي نوع من ووساوس المخالفين ، وهو مظهر هيجان الحق وامتلائه وظهوره في قبال المعاندين.
(١) قال الزبيدي : ومن المجاز (السورة) بالضم : (المنزلة) ، وخصها ابن السيد في كتاب «الفرق» بالرفيعة ، وقال النابغة :
ألم تر أن الله أعطاك سورة |
|
ترى كل ملك دونها يتذبذب |
وقال الزبيدي أيضا : السورة : الشرف والفضل والرفعة ، قيل : وبه سميت سورة القرآن لإجلاله ورفعته ، وهو قول ابن الأعرابي.
(٢) قال الشيخ البهائي في «العروة الوثقى» ص ٢ : السورة إما مستعارة من سور المدينة لإحاطتها بما تضمنته من أصناف المعارف والأحكام كإحاطة السورة بما يحتوي عليه ، أو مجاز مرسل من السورة بمعنى الرتبة العالية والمنزلة الرفعة ، إذ لكل واحدة من السور الكريمة مرتبة في الفضل عالية ومنزلة في الشرف رفيعة ، أو لأنّها توجب علو درجة تاليها وسمو منزلة عند الله سبحانه.
(٣) قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري المتوفي (٣٧٠) ه في «تهذيب اللغة» ج ١٣ ص ٥٠ : قال أبو الهيثم : السورة من سور القرآن عندنا : قطعة من القرآن سبق وحدانها جمعها ، كما أن الغرفة سابقة للغرف وأنزل الله عزوجل القرآن على نبيه صلىاللهعليهوسلم شيئا بعد شيء ، وجعله مفصلا ، وبين كل سورة بخاتمتها وبادئتها ، وميزها من التي تليها.