وان قولكم ما تقولون يوجب عليكم سخط الملك وعذابه ويفوتكم كلّ ما أملتموه من جهته واقبل هؤلاء القوم يكذبونهم ويزدري عليهم قولهم فما ذاك كذلك حتى غضب عليهم الملك لما وجد هؤلاء قد ساووا به عبده وأزروا عليه في مملكته وبخسوه حقّ تعظيمه فحشرهم أجمعين إلى حبسه ، ووكل بهم من يسومهم سوء العذاب ، فكذلك هؤلاء وجدوا أمير المؤمنين عليهالسلام عبدا أكرمه الله ليبيّن فضله ويقيم حجته فصغّروا عندهم خالقهم ان يكون جعل عليّا له عبدا وكبّروا عليّا من أن يكون الله تعالى له ربا فسمّوا بغير اسمه فنهاهم هو وأتباعه من أهل ملّته وشيعته وقالوا لهم يا هؤلاء إنّ عليّا وولده عباد مكرمون مخلوقون مدبّرون لا يقدرون إلّا ما أقدرهم عليه الله ربّ العالمين ، ولا يملكون إلّا ما ملّكهم الله ، ولا يملكون موتا ولا حيوة ولا نشورا ولا قبضا ولا بسطا ولا حركة ولا سكونا إلّا ما أقدرهم عليه وطوّقهم وأنّ ربهم وخالقهم يجلّ عن صفات المحدثين ويتعالى عن نعوت المخلوقين ، وأنّ من اتّخذهم أو واحدا منهم أربابا من دون الله فهو من الكافرين ، وقد ضلّوا سواء السبيل ، فأبى القوم إلّا جماها ، وامتدّوا في طغيانهم يعمهون ، فبطلت أمانيّهم وخابت مطالبهم ، وبقوا في العذاب الأليم (١).
وبالجملة ان كون الشؤون المذكورة على الوجه المتقدم من المراتب الإمكانية الّتي يجب تنزيه الواجب عنها ويمكن اتّصاف بعض الممكنات بها ممّا لا ريب فيه ولا شبهة يعتريه ولعلّ تطويل الكلام فيه من الاشتغال بالواضحات.
وما أحسن ما ذكره شيخ فلاسفة الإسلام من انّه كلّ ما لم يقم على امتناعه صحيح البرهان فذروه في بقعة الإمكان.
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٢٥ / ٢٧٧ ـ ٢٧٨ عن احتجاج الطبرسي ص ٢٤٢ وتفسير الامام عليهالسلام ص ١٨ ـ ٢١.