عباد مربوبون وقولوا في فضلنا ما شئتم (١).
بل يستفاد من تتبع مذاهب الغلاة حسب ما نشير إليها في تفسير غير المغضوب عليهم : أنّ مساق الأخبار الرادّة عليهم ما سمعت من الحلول والاتحاد والالوهية والنبوة وغيرها ممّا يأتى اليه الاشارة ولذا
شبّه مولينا أبو محمد العسكري عليهالسلام على ما في تفسيره وفي الإحتجاج بما يحكى عن قصورهم حيث قال راويا عن جدّه الرضا عليهالسلام انّهم كانوا كطلاب ملك من ملوك الدنيا ينتجعون فضله ، ويأملون نائله ، ويرجون التفيّؤ بظله ، والانتعاش بمعروفه ، والانقلاب إلى أهلهم بجزيل عطائه الذي يعينهم على طلب الدنيا ، وينقذهم من التعرّض لدني المكاسب وجنس المطالب ، فبيناهم يسئلون عن طريق الملك ليترصّدوه وقد وجّهوا الرغبة نحوه وتعلقت قلوبهم برؤيته ، إذ قيل سيطلع عليكم في جيوشه ومراكبه وخيله ورجله ، فاذا رأيتموه فأعطوا من التعظيم حقّه ، ومن الإقرار بالمملكة واجبه ، وإياكم أن تسمّوا باسمه غيره ، أو تعظّموا سواه كتعظيمه فتكونوا قد بخستم الملك حقه وأزريتم عليه ، واستحققتم بذلك منه عظيم عقوبته فقالوا نحن كذلك فاعلون جهدنا وطاقتنا فما لبثوا أن طلع عليهم بعض عبيد الملك في خيل قد ضمّها إليه سيّده ورجل قد جعلهم في جملته ، وأحوال قد حباه بها ، فنظر هؤلاء وهم للملك طالبون واستكثروا ما رأوه بهذا العبد من نعم سيّده ، ورفعوه عن أن يكون من هو المنعم عليه بما وجدوا معه عبدا ، فأقبلوا يحيّونه تحيّة الملك ، ويسمّونه باسمه ، ويجحدون أن يكون فوقه ملك ، أوله مالك.
فأقبل عليهم العبد المنعم عليه وسائر جنوده بالزجر والنهى عن ذلك والبرائة مما يسمّونه به ، ويخبرونهم بأن الملك هو الذي أنعم عليه بهذا واختصّه به.
__________________
(١) الخصال : ج ٢ / ٣٧ وعنه البحار : ج ٢٥ / ٢٧٠.