حقائقهم القدسيّة في مقام الوصال عند انتهاء قوس الإقبال أنوار الكمال والجمال كانت قلوبهم أوعية لمشية الله الّتي هي أصل صفات الأفعال.
ولذا روى في الخرائج عن مولينا القائم المهدي عجّل الله فرجه وسهّل مخرجه وأوسع منهجه أنّه سئل عن المفوّضة فقال عليهالسلام : كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشيّة الله عزوجل فاذا شاء شئنا. ثمّ تلا قوله تعالى : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) (١). (٢)
فتدبّر في اشتمال هذا الخبر على نوعي التفويض اللذين أحدهما شرك والآخر ايمان ، حسب ما مرّ بيانه كى يظهر لك الجواب عمّا في السؤال أيضا من قول مولينا الصادق عليهالسلام : من زعم أنّا خالقون.
وأمّا عدّ نفى السهو عنهم عليهمالسلام غلوّا فليس ببدع منهم بعد ما اشتهر من القميّين بل وبعض أئمّة الرجال أيضا كابن الغضايرى ، وغيره من نسبة الراوي إلى الغلوّ والارتفاع بمجرّد رواية بعض الأخبار الدالّة على ثبوت بعض المراتب والفضائل للنّبي والأئمّة عليهمالسلام ، ولذا طعنوا في كثير من الرواة بذلك ، بل رموا به كثيرا من خواصّ أصحابهم وثقاتهم وبطانتهم كمحمّد بن سنان ، والمعلى بن الخنيس ، والمفضل بن عمر ، ونصر بن صباح ، وغيرهم من الاجلّة والمشايخ الذين قلّ من سلم من الطعن بذلك ، وبغيره من المفاسد الذين هم منزّهون منه كما نبّه عليه المحقّق البهبهاني في تعليقاته الرجاليّة بل قال : إنّه نسب ابن طاووس ، والخواجة نصير الدين ، وابن فهد ، والشهيد الثاني ، وشيخنا البهائى وجدّي العلّامة التقى المجلسي وغيرهم من الأجلّة إلى التصوّف ، وغير خفيّ أنّ ضرر التصوّف إنّما هو فساد
__________________
(١) الدهر : ٣٠.
(٢) بحار الأنوار : ج ٢٥ / ٣٣٧ عن غيبة الطوسي ص ١٦٠.