تعالى قال : أحسن الخالقين ، وقد أخبر أنّ في عباده خالقين وغير خالقين ، منهم عيسى بن مريم خلق لهم من الطّين كهيئة الطّير بإذن الله ، والسامرىّ خلق لهم عجلا جسدا له خوار (١).
بل روى النعماني عن مولينا الصادق عليهالسلام أنّه سئل أمير المؤمنين عن متشابه الخلق فقال عليهالسلام : هو على ثلاثة أوجه : فمنه خلق الاختراع كقوله : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) (٢).
وخلق الاستحالة كقوله : (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ) (٣) ، وقوله : (خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) (٤).
وخلق التقدير كقول الله تعالى لنبيّه عيسى على نبيّنا وآله وعليهالسلام : (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) (٥). (٦)
وقد سمعت أنّ نسبة الخالقيّة وغيرها اليه سبحانه والى عباده المكرمين وملائكته المقرّبين على وجوه مختلفة ، وإن كانت من جهات اخرى غير مذكورة في الخبر فإنّ المراد الإشارة إلى نوع الاختلاف ، ومن هنا وغيره ممّا مرّ يظهر الجواب عن الاستدلال بالآيات الدالّة على نسبة الخالقيّة اليه سبحانه دون غيره ، فإنّ فعل عبيده فعله ، لأنّهم عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون ، كما أجاب به مولينا أمير المؤمنين في خبر سؤال الزنديق المتقدم ذكره.
بل لمّا اندكت جبل انيّاتهم من أشعّة تجليّات العظمة والجلال ، وأشرقت على
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٤ / ١٤٧ ـ ١٤٨.
(٢) الأعراف : ٥٣ ، يونس : ٣ ، هود : ٥٧ ، الحديد : ٤.
(٣) الزمر : ٦.
(٤) غافر : ٦٧.
(٥) المائدة : ١١٠.
(٦) بحار الأنوار : ج ٦٠ / ٣٣٣ عن النعماني.