الصراطات المطلقة يعنى الشاملة لكلّ أحد فان قلت أكملها تعينت نفس النبي صلىاللهعليهوآله وإن قلت أتمّها فكما قال المصنف ، ولك أن تستعمل أتمّ بصيغة التفضيل المطلق ، فتقول أتمّها نفس النبي صلىاللهعليهوآله وتلك الأتميّة الحقيقة ، وإن أردت الأتمّية الإضافية فكما قال المصنف ، انتهى كلامه زيد مقامه.
لكن لا يخفى أنّ كلامه في تعدّد الصراطات في المقام جار على منوال ما ذكره الملا صدرا من أنّ كلّ نفس صراط إلى الآخرة بوجه كما أنّها سالكة أيضا بوجه ، فالمتحرّك والمسافة شيء واحد بالذات ، متغايرة بالاعتبار ، فالنفوس صراطات إلى العاقبة بعضها مستقيمة ، وبعضها منحرفة ، وبعضها منكوسة ، والمستقيمة بعضها واقفة ، ومعطّلة ، والواصلة بعضها سريعة ، وبعضها بطيئة إلى غير ذلك ممّا ذكره في «عرشيته» و «شواهده» وأسفاره ، وتفسيره وغيرها من كتبه الّتي بنى الأمر فيها على الحركات الجوهريّة والانتقالات النفسانية في نشاة ذاتية حسب ما أشرنا سابقا إليها وإلى التأمل فيها.
بل ينبغي التأمل أيضا في بعض ما حكيناه في المقام فإنّ الوجه الأول والثاني لا يحسمان مادّة الإشكال ، بل لعلّهما سيّما الثاني أقرب إلى المصادرة ، وعلى كلّ حال فلعل الوجه ما ذكرناه اوّلا.
ثمّ انّه لما كانت الطّرق إلى الله كثيرة بعدد نفوس الخلائق ، بل بعدد أنفاسهم وإن اختلفت في الاستقامة وسرعة الوصول وشرف القبول ، وغيرها بين الصراط المطلوب المسئول ، بعد توصيفه بالاستقامة المطلقة الجامعة المجملة ، تأكيدا بل تكريرا للسؤال وتفصيلا بعد الإجمال فأبدل عنه قوله : صراط الذين أنعمت عليهم بدل الكلّ الّذى هو بمنزلة تكرير العامل فيه ، ولذا ذهب الأخفش ، والزمخشري ، وأكثر المتأخرين على ما قيل إلى أنّ العامل في البدل مقدّر من جنس المذكور ، نظرا إلى أنّه وإن عدّ من التوابع إلّا أنّه مستقلّ برأسه مقصود بالحكم ولذا لم يشترط مطابقته للمبدل منه تعريفا وتنكيرا ، ومقتضى ذلك أن يكون عامله أيضا مستقلا