حقّ إلا جعل الله نفسه تسبيحا وزكّى عمله ، وأعطاه بصيرة على كتمان سرّنا واحتمال الغيظ لما يسمعه من أعدائنا ثواب المتشحط بدمه في سبيل الله ، وما من عبد أخذ نفسه بحقوق إخوانه فوفّاهم حقوقهم جهده وأعطيهم ممكنه ، ورضي عنهم بعفوهم ، وترك الاستقصاء عليهم فيما يكون من زللهم وغفرها لهم إلّا قال الله عزوجل له يوم القيمة : يا عبدي قضيت حقوق إخوانك ولم تستقص عليهم فيما لك عليهم ، فإنى أجود وأكرم ، وأولى بمثل ما فعلته من المسامحة والتكرم ، فأنا أقضيك اليوم على حقّ وعدتك به وأزيدك من الفضل (١) الواسع ، ولا أستقصى عليك في تقصيرك في بعض حقوقي قال عليهالسلام فيلحقه بمحمّد وآله وأصحابه ويجعله من خيار شيعتهم (٢).
ثمّ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لبعض أصحابه ذات يوم : يا عبد الله أحبّ في الله وأبغض في الله ، ووال في الله وعاد في الله ، فإنه لا تنال ولاية الله إلّا بذلك ، ولا يجد رجل طعم الإيمان وان كثرت صلاته وصيامه حتى يكون كذلك ، وقد صارت مواخاة الناس يومكم هذا أكثرها في الدنيا عليها يتوادون وعليها يتباغضون ، لا يغني من الله شيئا فقال الرجل : يا رسول الله فكيف أن أعلم أنّى قد واليت في الله وعاديت في الله ومن ولي الله حتى أواليه ، ومن عدو الله حتى أعاديه فأشار له رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى عليّ عليهالسلام فقال : أترى هذا؟ قال : بلى قال : ولى هذا ولى الله فواله ، وعدوّ هذا عدو الله فعاده ، ووال وليّ هذا ولو أنّه قاتل أبيك وولدك ، وعاد عدوّ هذا ولو أنّه أبوك وولدك (٣).
__________________
(١) في البحار : من فضلي الواسع.
(٢) بحار الأنوار : ج ٢٤ / ١٠ ـ ١١ عن تفسير الإمام ص ١٧ ـ ١٨.
(٣) البحار ج ٢٧ ص ٥٤ ح ٨ عن تفسير الامام ص ١٨ ومعاني الاخبار ص ١١٣ وعيون الأخبار ص ١٦١ وعلل الشرائع ص ٥٨.