الّذين أنعم الله عليهم من النبيّين والصّدّيقين والشهداء والصالحين ، ولو لاستفادته من التعبير بالموصولة أو ظهور النعمة في الفرد الأكمل ، أو جميع أفرادها التي يختص بها المؤمن الكامل ، أو لأنّ النعمة لم تبق على الكفّار نعمة ، بل جعلوها نقمة عليهم ، ولذا كان مولينا أمير المؤمنين عليهالسلام ، بل كلّ نعمة من نعم الله الّتي هو عليهالسلام أعظمها نعمة على الأبرار ، ونقمة على الفجار (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) (١) مضافا إلى تعقيبه بالمخصّص المتّصل الذي هو غير المغضوب عليهم ولا الضالّين على فرض عمومه وإلّا فقد عرفت اختصاصه من وجوه عديدة.
ولذا قال مولينا الإمام عليهالسلام : إنّ هؤلاء هم الذين قال الله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ) (٢). (٣)
وحكى هذا بعينه عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال ثمّ قال عليهالسلام ليس هؤلاء المنعم عليهم بالمال وصحّة البدن ، وإن كان كلّ هذا نعمة من الله ظاهرة ألا ترون أنّ هؤلاء قد يكونون كفّارا أو فسّاقا فما ندبتم أن تدعوا بأن ترشدوا إلى صراطهم ، وانّما أمرتم بالدعاء لأن ترشدوا إلى صراط الذين أنعم عليهم بالإيمان بالله وتصديق رسوله ، وبالولاية لمحمّد والله الطّيبين وأصحابه الخيّرين المنتجبين ، وبالتقيّة الحسنة التي يسلم بها من شرّ عباد الله ومن شرّ الزنادقة في أيّام أعداء الله بكفرهم بأن تداريهم فلا تغريهم بأذاك ولا أذى المؤمنين ، وبالمعرفة بحقوق الإخوان من المؤمنين فإنّه ما من عبد ولا أمة والى محمّدا وآل محمّد وأصحاب محمد وعادى من عاديهم إلّا كان قد اتّخذ من عذاب الله حصنا منيعا وجنّة حصينة ، وما من عبد ولا أمة داري عباد الله بأحسن المداراة فلم يدخل بها في باطل ، ولم يخرج بها عن
__________________
(١) إبراهيم : ٢٨.
(٢) النساء : ٦٩.
(٣) تفسير العسكري : ص ٢٢ ـ ٢٣.