في السلسلة الطّولية والعرضية لإستحالة الطفرة في الوجود وانقطاع الروابط بين العابد والمعبود ، بل كلّ عال مجاز ودرجة لما تحته في الصعود ، ووسيلة له إلى واجب الوجود ، وكلّ سافل مجاز للعالي ومظهر له في النزول ، ورابطة بين العلّة والمعلول ، حتّى أنّه لو تغيّر البعض تغيّر الكل ، ولذا قال سبحانه : (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ) (١).
وورد أبى الله أن يجرى الأمور إلّا بأسبابها (٢).
وبالجملة فرحمته عامّة شاملة وعنايته تامّة كاملة ، وحينئذ فينفتح بهذا المقال باب للسؤال ، وهو أنّ المنعم عليهم جميع الخلق أجمعين من المسلمين والمشركين والكافرين ، وقضيّة عموم الموصول ، وحذف متعلق النعمة ، وعدم التعرض لخصوصيّتها شمول الموصول لكلّ من أنعم الله تعالى عليه بأيّ نعمة كان ، فيكون المسئول طرق جميع أهل العالم ، ولا يمكن الجمع بين طرق الجميع الشامل للمؤمن والكافر والمشرك والمنافق والمطيع بمراتب الإطاعة ودرجاتها ـ والعاصي بفسوق المعصية ودركاتها ، ولا ريب أنّ المقصود بالسؤال خلافه.
لكنّ الخطب سهل في دفعه بعد افتتاح الآية في الهداية الظاهرة في طريق الصواب الموصل إلى الأحباب ، ونيل الثواب ، سيّما مع توصيفه بالمستقيم الذي هو صفة مخصّصة للصراط إن لم نقل : إنّ اللام فيه للإشارة إلى الفرد الكامل الذي هو تمام الحقيقة ، أو إلى المعهود الذي هو المقصود ، أو أنّ غيره لا ينبغي أن يسمّى صراطا ، ولا الإرشاد إليه وإرائته هداية إلّا على وجه التهكّم.
هذا مع أن الّذين أنعمت عليهم ظاهر في المعهودية في خصوص قوم ، وهم
__________________
(١) القمر : ٥٠.
(٢) في عوالي اللآلى ج ٣ ص ٢٨٦ ح ٢٧ عن الصادق عليهالسلام : أبى الله أن يجرى الأشياء الّا على الأسباب وفي الكافي كتاب الحجّة ح ٧.