للانتقام ، وهذه الحركة لما كانت شديدة عنيفة يتبعها شدة سخونة الروح وثوران الحرارة المودعة في بدن الإنسان واشتعالها فيغلي بهادم القلب ، وينتشر في العروق ، ويرتفع إلى أعالى البدن كما ترتفع النار والماء الذي في القدر فيظهر الحمرة والحرارة والالتهاب في أعالى البدن سيّما الوجه والعين اللّذين هما مظهران للنفس الإنسانيّة خصوصا بعد ما لهما من اللطافة والصّفاء ، بل يصعد حينئذ من البدن فضلا عن خصوص القلب الذي هو مستوقد الحرارة الحيوانيّة أبخرة رديّة مظلمة ، شديدة الالتهاب ، فيمتلأ بها الشريانات الدّماغيّة ولذا شبّهوا هيكل الإنسان عند ثوران الغضب بالتّنور المتوقّد باللهيب والحريق فلا يكاد يسمع منه إلّا زفير وشهيق.
وقد ورد في الخبر : الغضب شعلة من النار تلقي صاحبها في النار.
وفيه أيضا : الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار (١).
وفي الكافي : عن أبي جعفر عليهالسلام : إنّ هذا الغضب جمرة من الشيطان توقد في جوف ابن آدم وإنّ أحدكم إذا غضب احمرّت عيناه وانتفحت أوداجه ، ودخل الشيطان فيه ، فإذا خاف أحدكم ذلك من نفسه فليلزم الأرض فإنّ رجز الشيطان ليذهب عنه عند ذلك (٢).
وعلى كلّ حال فهو من الانفعالات الرديّة النفسانية الّتي لا يليق بأوليائه فضلا عنه سبحانه.
ولذا قال مولينا الباقر عليهالسلام لعمرو بن عبيد بعد ما سئله عن الغضب في قوله : (وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى) (٣) ، إنّه هو العقاب ، يا عمرو إنّه من زعم أنّ
__________________
(١) سنن أبى داود ج ٢ ص ٥٥٠ عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٢) بحار الأنوار ج ٦٣ ص ٢٦٥ عن الكافي ج ٢ ص ٣٠٥.
(٣) طه : ٨٠.