وفي العلل والعيون بالإسناد عن مولينا الرّضا عليهالسلام فإن قال : فلم أمروا بالقراءة في الصّلوة؟ قيل : لئلّا يكون مهجورا مضيّعا ، وليكون محفوظا مدروسا ، فلا يضمحلّ ولا يجهل.
فإن قال : فلم بدء بالحمد في كلّ قراءة دون سائر السّور؟ قيل : لأنّه ليس شيء من القرآن والكلام جمع فيه من جوامع الخير والحكمة ما جمع في سورة الحمد ، وذلك أنّ قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) إنّما هو أداء لما أوجب الله تعالى على خلقه من الشّكر ، وشكر لما وفّق عبده للخير ، (رَبِّ الْعالَمِينَ) تمجيد له ، وتحميد ، وإقرار بأنّه هو الخالق المالك لا غيره ، (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) استعطاف وذكر لآلائه ، ونعمائه على جميع خلقه (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) إقرار بالبعث والحساب والمجازات ، وإيجاب له ملك الآخرة كما أوجب له ملك الدّنيا (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) رغبة وتقرّب إلى الله تعالى وإخلاص بالعمل له دون غيره (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) استزادة من توفيقه وعبادته واستدامة لما أنعم عليه ونصره ، (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) استرشاد لأدبه واستعصام بحبله واستزادة في المعرفة بربّه وبعظمته وكبريائه : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) توكيد للسؤال والرّغبة ، وذكر لما تقدّم من نعمه على أوليائه ، ورغبة في مثل تلك النعم : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) استعاذة عن أن يكون من المعاندين الكافرين المستخفين به وبأمره ونهيه ، (وَلَا الضَّالِّينَ) اعتصام من أن يكون من الضّالين الّذين ضلّوا عن سبيله من غير معرفة ، وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعا.
فقد اجتمع فيه من جوامع الخير والحكمة في أمر الآخرة والدّنيا مالا تجمعه شيء من الأشياء (١).
وفي «العيون» و «تفسير الامام عليهالسلام» قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : فاتحة
__________________
(١) علل الشرائع ج ١ ص ٢٤٧ ـ عيون الأخبار ج ٢ ص ١٠٧.