والتحقيق أن يقال : إنه لا مجال لتوهم الاستدلال بالعمومات المتكفّلة لاحكام العناوين الثانوية فيما شك من غير جهة تخصيصها ، إذا أخذ في موضوعاتها أحد الاحكام المتعلقة بالافعال بعناوينها الاولية ، كما هو الحال في وجوب إطاعة الوالد ، والوفاء بالنذر وشبهه في الامور المباحة أو الراجحة ، ضرورة أنه معه لا يكاد يتوهم عاقل أنه إذا شك في رجحان شيء أو حليته جواز التمسك بعموم دليل وجوب الاطاعة أو الوفاء في رجحانه أو حليته (١).
______________________________________________________
ولا يخفى ان الصوم في السفر والاحرام قبل الميقات مما علم عدم مشروعيته ، وليس هو مما احتمل شمول الادلة الاولية له ولكنه اذا كانت العناوين الثانوية تصحح ما هو غير مشروع قطعا فبالاولى ان تكون الادلة الثانوية مصححة لما احتمل شمول الادلة بعنوانها الاولى له.
وانما ذكره مؤيدا لا دليلا لاحتمال ان يكون لخصوصية خاصة للصوم في السفر والاحرام قبل الميقات توجب صحتهما اذا تعلق النذر بهما ، فلا تكون دليلا على ان العناوين الثانوية مطلقا تصحح ما لا يشمله العنوان الاولى.
إلّا ان كونها مؤيدة للدعوى مما لا ينكر لاشعارها بان للادلة الثانوية قابلية ان تصحح ما لا يصح بالعنوان الاولي ولذا قال (قدسسره) : «وربما يؤيد ذلك ... الى آخر الجملة».
(١) هذا هو الازاحة والدفع لهذا الوهم ، وتفصيله على ما يتحصل من عبارة المتن ان الادلة الثانوية على نحوين :
الاول : ان يكون قد اخذ في موضوع هذه الاحكام بعناوينها الثانوية حكم واقعي كالرجحان او الاباحة مثل ادلة النذر والعهد واليمين ووجوب اطاعة الوالد والسيد ، فانه قد دلت الاخبار على انه يشترط في متعلق النذر ان يكون راجحا ، وفي وجوب اطاعة الوالد والسيد ان لا يكون ما أمرا به فعل حرام او ترك واجب : أي انه يشترط