وأما إذا قيل بأنه المخاطب والموجه إليه الكلام حقيقة وحيا أو إلهاما ، فلا محيص إلا عن كون الاداة في مثله للخطاب الايقاعي ولو مجازا ، وعليه لا مجال لتوهم اختصاص الحكم المتكفل له الخطاب بالحاضرين ، بل يعم المعدومين ، فضلا عن الغائبين (١).
______________________________________________________
بمسمع منه ضرورة» أي بداهة ، لما عرفت من ان الخطاب الموجود بالوجود الصوتي لا بد وان يكون له شان الصوت من انه لا يكون خطابا لغير من يسمعه ، لما عرفت من ضرورة كون الخطاب الحقيقي اللفظي ان يسمع ويفهم.
(١) حاصله : ان المراد بالناس وبالمؤمنين في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) ويا ايها المؤمنون هل هو ظاهرها الشامل للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وغيره ، او ان المراد بهما خصوص النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وعلى الاول : يبتني النزاع المتقدم في صحة الخطاب الحقيقي للغائبين والمعدومين وعدمه.
واما على الثاني : فلا يتأتي النزاع المتقدم ، لوضوح عدم امكان اختصاصه صلىاللهعليهوآلهوسلم بالاحكام وحده المتكفل لها هذه الخطابات ، فلا يعقل ان يكون الخطاب فيها حقيقيا ، لان الخطاب الحقيقي فيها خطاب باحكامها واذا كانت احكامها عامة له صلىاللهعليهوآلهوسلم ولجميع الناس فلا بد وان يكون الخطاب فيها ليس بخطاب حقيقي ، ولا بد وان يكون الخطاب إيقاعيا إنشائيا حتى لو قلنا بان هذه الادوات موضوعة للخطاب الحقيقي ، فلا بد من التزام المجاز فيها ، واذا كان الخطاب انشائيا ايقاعيا لكون الاحكام فيها عامة له صلىاللهعليهوآلهوسلم ولغيره فلا وجه لان يختص الحكم المتكفل له الخطاب بالمشافهين ، لان الاختصاص بالمشافهين انما هو لحفظ ظهور الخطاب في كونه خطابا حقيقيا ، فان العام فيها كالمؤمنين والناس مما يشمل المعدومين فضلا عن الغائبين ، ولكن الخطاب حيث كان حقيقيا استلزم اختصاص هذه العمومات بالمشافهين ، وبعد ان كان الخطاب ليس بحقيقي بل ايقاعي فلا موجب لاختصاص الحكم المتكفل له هذه الخطابات