ومتصرم الوجود ، كان قاصرا عن أن يكون موجها نحو غير من كان بمسمع منه ضرورة (١) ، هذا لو قلنا بأن الخطاب بمثل يا أيها الناس اتقوا في الكتاب حقيقة إلى غير النبي (صلىاللهعليهوآله) بلسانه.
______________________________________________________
(١) لا يخفى ان كلامه ـ تعالى ـ له وجود علمي ، وهذا الوجود قديم لم يزل ولا يزال ، والموجودات كلها في هذه النشأة قديمة لقدم علمه الذي هو عين ذاته لكون صفاته عين ذاته جل وعلا ، وله وجود لفظي تدريجي تصرمي ككلامه المخلوق في الشجرة في تكليمه ـ تعالى ـ لموسى عليهالسلام وككلامه النازل به جبرائيل على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلهذا النحو من الوجود حيث انه واقع في افق الموجودات الزمانية التي لها وحدة اتصالية ، وهي من التدريجيات والمتصرمات التي يكون وجود كل جزء لاحق منها بعدم الجزء السابق للتدرج الصوتي ، فهو من هذه الناحية كسائر الالفاظ التي وجودها نحو من وجودات الصوت المتدرج في وجوده.
ومن الواضح : ان مثل هذا الوجود يتوقف فهمه على سماعه ولا بد في مثل هذا الخطاب اللفظي من السماع حتى يصح ان يكون المخاطب فيه مخاطبا ، فلا يعقل ان يكون موجها لغير من يسمعه ، ويختص الخطاب اللفظي بخصوص المشافه ولا يعقل ان يكون موجها الا له ، لانه هو الذي يكون بمسمع من الخطاب. واما الغائب فضلا عن المعدوم فلعدم امكان ان يسمع الخطاب فلا يعقل ان يكون الخطاب موجها له ، فهو قاصر عن ان يكون الكلام موجها اليه ، ونفس الكلام اللفظي بما انه لفظي من الموجودات الصوتية لا بد من ان يكون بحيث يسمع ، فالخطاب الموجود بهذا النحو من الوجود المحتاج الى ان يسمع ايضا قاصر عن ان يكون موجها لغير من يسمع الصوت اللفظي ، فلذا لا بد وان يختص خطابه اللفظي المتكلم به جبرائيل عليهالسلام او النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمشافهين دون الغائبين عن محل الخطاب فضلا عن المعدومين ، والى هذا اشار بقوله : «كما ان خطابه اللفظي لكونه تدريجيا ومتصرم الوجود كان قاصرا» له ، شان كل موجود لفظي من القصور «عن ان يكون موجها نحو غير من كان