وتوهم صحة التزام التعميم في خطاباته تعالى لغير الموجودين ، فضلا عن الغائبين ، لاحاطته بالموجود في الحال والموجود في الاستقبال ، فاسد ، ضرورة أن إحاطته لا توجب صلاحية المعدوم بل الغائب للخطاب ، وعدم صحة المخاطبة معهما لقصورهما لا يوجب نقصا في ناحيته تعالى ، كما لا يخفى (١) ، كما أن خطابه اللفظي لكونه تدريجيا
______________________________________________________
(١) حاصل هذا التوهم : ان استحالة تعميم الخطاب الحقيقي للغائبين والمعدومين انما هو في غير خطاب واجب الوجود ، لعدم احاطة الممكن بغير المشافهين لخطابه. اما واجب الوجود تبارك وتعالى فلاحاطته بكل شيء سواء الموجود في الحال أو الموجود في المستقبل ، ولا فرق في احاطته بين الموجودين او المعدومين ، فلا مانع من ان تكون خطاباته ـ تعالى ـ عامة للمعدومين فضلا عن الغائبين ، والى هذا اشار بقوله : «لاحاطته بالموجود في الحال والموجود في الاستقبال».
ويرده : ان الخطاب الحقيقي كما يحتاج من طرف المخاطب ـ بالكسر ـ ان يكون المخاطب ـ بالفتح ـ حاضرا عنده ، كذلك يحتاج من طرف المخاطب ـ بالفتح ـ ان يكون بحيث يسمع الخطاب ويفهمه كما مر في بيان الخطاب الحقيقي على ما يظهر من المصنف ، فعدم امكان الخطاب الحقيقي في خطاباته ـ تعالى ـ لا لفقد الشرط من جهته ـ جل وعظم ـ بل من ناحية فقدان الشرط من ناحية المخاطب ـ بالفتح ـ فان الغائب فضلا عن المعدوم لا يمكن ان يخاطب للنقصان من طرفه لا من جهته تبارك وتعالى ، والى هذا اشار بقوله : «فاسد» أي ان التوهم فاسد «ضرورة ان احاطته» تعالى «لا توجب صلاحية المعدوم بل الغائب للخطاب» الحقيقي ، واشار الى ان هذه الاستحالة انما هي لفقد الشرط من طرف المخاطب لا منه تعالى ، فلا يوجب عدم تأتي الخطاب مع الغائبين والمعدومين نقصا في ناحيته جل وعلا ، وانما القصور والنقصان من جانب المخاطبين بقوله : «وعدم صحة المخاطبة معهما» أي مع المعدومين والغائبين «لقصورهما لا يوجب نقصا في ناحيته تعالى».