وإن أبيت إلا عن وضع الادوات للخطاب الحقيقي ، فلا مناص عن التزام اختصاص الخطابات الإلهية بأدوات الخطاب ، أو بنفس توجيه الكلام بدون الأداة كغيرها بالمشافهين ، فيما لم يكن هناك قرينة على التعميم (١).
______________________________________________________
مع انه لو كان ارتكازيا يحصل العلم به مع الالتفات اليه والتفتيش ، والى هذا اشار بقوله : «مع حصول العلم به بذلك لو كان ارتكازيا» لما علمت من ان الامور الارتكازية لا بد من خروجها من الارتكازيات الى الوجدانيات المحسوسات اذا التفت اليه وفتش عنه ، واذا كان مع الالتفات اليه لا يخرج الى العلم بالعلم فلا يكون هناك ارتكاز «وإلّا» لخرج من العلم بالعلم ، والى هذا اشار بقوله : «فمن اين يعلم بثبوته كذلك كما هو واضح».
(١) حاصله : انه مع القول بكون ادوات الخطاب موضوعة لخصوص الخطاب الحقيقي لا بد من ان يكون المراد بالالفاظ الواقعة بعدها ما يختص بخصوص المشافهين ، فيكون المراد بالمؤمنين ـ مثلا ـ في يا ايها المؤمنون هو خصوص المشافهين وتكون القضية خارجية ، لوضوح أن ظهور استعمال العام في عمومه لا يصلح ان يكون قرينة على المجاز لكثرة ما يراد بالعام غير عمومه الواسع ، بخلاف ما اذا قلنا بانها منصرفة الى خصوص الحقيقي منها فان ظهور استعمال العام في عمومه يمنع عن الانصراف ، لان الانصراف هو تخصيص لما وضع بغير ما وضع له اوجبه مقدار من كثرة الاستعمال فيه او مناسبات اخرى ، ومع قرينة الاستعمال في غيره لا يتحقق الانصراف المتوقف على عدم القرينة على خلافه ، ولذلك خص ذلك وهو لزوم كون المراد من المؤمنين المشافهين مختص بخصوص القول بكون الخطاب خطابا حقيقيا سواء كان الخطاب مدلولا عليه بالأداة او يكون مستفادا من نفس توجيه الكلام ، فانه يختص بخصوص المشافهين ولا يعم الغائبين والمعدومين ، وقد اشار الى ما ذكرنا بقوله : «وان ابيت ... الى آخر الجملة».