أولا ، ويبدي ما خفي ثانيا (١).
وإنما نسب إليه تعالى البداء ، مع إنه في الحقيقة الابداء ، لكمال شباهة إبدائه تعالى كذلك بالبداء في غيره ، وفيما ذكرنا كفاية فيما هو المهم في
______________________________________________________
فانه دفع لاستمرار الحكم ودوامه «مع انه في الواقع له غاية وحد يعينها الشارع بخطاب آخر» وذلك الخطاب هو الناسخ «واخرى بما يكون ظاهرا في الجد مع انه لا يكون واقعا بجد» كما في النسخ قبل حضور وقت العمل فان الحكم المنسوخ لم يكن مرادا بجد «بل لمجرد الاختبار والابتلاء» كما في أمر ابراهيم بذبح اسماعيل فانه نسخ قبل حضور وقت العمل به وانما كان اختبارا وابتلاء.
ثم اشار الى عدم البداء في التكوينيات بقوله : «كما انه يؤمر» أي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم «وحيا او الهاما بالاخبار بوقوع عذاب» كما في قصة يونس «او غيره» كما في اخبار عيسى بموت العروس واخبار نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم بموت الخطاب «مما لا يقع» كما انه لم يقع العذاب ولا مات من اخبر بموته «لاجل حكمة في هذا الاخبار» بالامور التكوينية «او» للحكمة في «ذاك الاظهار» في الاحكام الشرعية.
(١) أي ان البداء بمعنى الابداء لا انه بداء حقيقة ، ولذا قال : «بمعنى انه يظهر ما امر نبيه او وليه بعدم اظهاره اولا ويبدي ما خفى ثانيا».
ولا يخفى ان هذا انما يناسب خاتم الانبياء الذي تتصل نفسه الزكية باللوح المحفوظ المشتمل على العلل التامة والعلل الناقصة ، فهو يعلم بما يقع لاجل تحقق شرطه وانتفاء مانعة وبما لا يقع لعدم تحقق شرطه ووجود مانعة ، وحيث تقدم منه الاخبار بوقوع العذاب الذي لم يقع الوارد في قصة يونس المشار اليها في الذكر الكريم.
والظاهر ان الاخبار المفصلة لكيفية قصة يونس مصرحة بعدم علم يونس بانه لا يقع العذاب ، ولهذا استظهرنا من كلامه السابق ان المراد من الضمير في اليه وفي يؤمر هو النبي بمعناه الشامل لمن يقف علمه عند لوح المحو والاثبات ، ولمن يترقى الى عالم اللوح المحفوظ.