أن المشهور لا يزالون يتمسكون بها ، مع عدم إحراز كون مطلقها بصدد البيان (١) ، وبعد كونه لاجل ذهابهم إلى أنها موضوعة للشياع والسريان ، وإن كان ربما نسب ذلك اليهم (٢) ، ولعل وجه النسبة
______________________________________________________
كلام المتكلم ، وما ذاك الّا لبنائهم على كون المتكلم في مقام البيان وعدم اعتنائهم بالشك فيه ، وهذا هو مراده من الاصل في قوله : «لا يبعد ان يكون الأصل فيما شك» فان مراده من الاصل هو الاصل العقلائي كما صرح بذلك بقوله : «لما جرت عليه سيرة أهل المحاورات ... الى آخر كلامه».
(١) حاصله ان المشهور نراهم يتمسكون باطلاق المطلقات ، وجلّها ان لم يكن كلها لم يقطع فيها بكون الشارع في مقام البيان ولم تقم قرينة خاصة على كونه في مقام البيان فلا بد وان يكون المعوّل لهم في تمسكهم بها هو الاحراز بالأصل العقلائي.
(٢) هذا دفع سؤال مقدر ، وهو بأن يقال : ان السبب في تمسك المشهور باطلاق المطلقات هو ذهابهم الى ان الشياع والسريان ماخوذ في مدلول المطلق ، فاخذهم بالاطلاق من باب الاخذ بمدلول ما وضع له اللفظ وليس ذلك لأجل الأصل المذكور.
والجواب عنه : ما اشار اليه سابقا من عدم صحة نسبة ذلك اليهم ، وان مرادهم من قولهم في تعريفه ما دل على شايع في جنسه هو الدلالة على الشيوع والسريان ولو بمقدمات الحكمة ، لا ان اسم الجنس ـ مثلا ـ موضوع للماهية المأخوذ فيها الشياع والسريان ، وقد اشار الى السؤال والجواب بقوله : «وبعد كونه ... الى آخر الجملة» أي وبعد كون عدم اعتنائهم بالشك في كون المتكلم في مقام البيان انما هو لاجل الاخذ باصالة الحقيقة ورفع الشك في ارادة غيرها بواسطتها لا بواسطة الاصل العقلائي المشار اليه ، فهم حيث ان الشياع والسريان عندهم ماخوذ في مدلول المطلق يحملون اللفظ لبنائهم على الاخذ بما وضعت له الالفاظ عند الشك في خلافه.