فإنه يقال : مضافا إلى أنه إنما قيل لعدم استلزامه له ، لا عدم إمكانه ، فإن استعمال المطلق في المقيد بمكان من الامكان ، إن كثرة إرادة المقيد لدى إطلاق المطلق ولو بدال آخر ربما تبلغ بمثابة توجب له مزية أنس (١) ،
______________________________________________________
(١) أجاب عنه بجوابين :
الأول : ان غاية ما مر منا هو ان التقييد لا يستلزم التجوز واستعمال اللفظ الموضوع لذات المقيد في المقيد بما هو مقيد ، بمعنى انه لا ينحصر افادة المقيد باستعمال اللفظ الموضوع للمطلق فيه ، بل يمكن ان يكون اللفظ مستعملا في المطلق والتقييد مستفاد من دال آخر ، وكما يمكن بهذا النحو يمكن أيضا بنحو استعمال المطلق في المقيد بما هو مقيد بنحو التجوز ، ومع استعماله بهذا النحو فحصول مراتب الانصراف مما لا اشكال فيه كما اعترف به المورد ، وقد اشار الى هذا الجواب بقوله : «مضافا الى انه انما قيل» ان قولنا التقييد لا يوجب التجوز انما هو «لعدم استلزامه» أي استلزام القيد «له» أي للتجوز لانه يتأتى بنحو تعدد الدال والمدلول «لا عدم امكانه» أي لم تقل بعدم امكان استعمال المطلق في المقيد بما هو مقيد «فان استعمال المطلق في المقيد» بما هو مقيد «بمكان من الامكان».
الثاني : ان الوجدان قائم على حصول الانس الذهني بين اللفظ الموضوع للمطلق والمقيد بما هو مقيد من كثرة استعمال المطلق مع الدال على التقييد ، فان الانس كما يحصل بالاستعمال مجازا يحصل بمحض المجاورة الكثيرة ، والى هذا اشار : «ان كثرة ارادة المقيد لدى اطلاق المطلق ولو» بأن كان التقييد «بدال آخر ربما تبلغ بمثابة توجب له» أي اللفظ المطلق «مزية الأنس» بينه وبين المقيد بما هو مقيد ويحصل من هذا الانس مراتب الانصراف.