.................................................................................................
______________________________________________________
وقد اشار المصنف الى الاول دون الثاني ، وحاصله : انه لا دلالة لنفس الدليل المتعلق بالافعال على وجوب هذه الموافقة ، لان الدليل اما هو الامر وجوبا باتيان فعل من الافعال او النهي عن ارتكابه لزوما ، وكل منهما له هيئة ومادة ، ومن الواضح ان المادة هي نفس الفعل المتعلق به الامر او النهي ، والهيئة هي ما دل على طلب الفعل او طلب الترك ، ومن البيّن عدم دلالة المادة ولا الهيئة على الموافقة الالتزامية التي هي عقد القلب ، اما عدم دلالة المادة على ذلك فواضح جدا لان المستفاد منها هو نفس الفعل المتعلق للامر او للنهي ولا ربط لنفس الفعل بعقد القلب عليه ، واما الهيئة فالمستفاد منها هو طلب اتيان الفعل خارجا او تركه خارجا ولا دلالة لها على اكثر من الطلب للاتيان الخارجي او لتركه كذلك ، والاتيان خارجا وعدمه من افعال الجوارح ، وعقد القلب من افعال الجوانح ، فاذا كان المستفاد من الهيئة هو العمل المتعلق بالجوارح فعدم تعلق الهيئة بالعمل الجانحي واضح ايضا.
فدعوى نفس الدليل على وجوب الموافقة لا تخلو عن جزاف لانها ترجع الى دعوى دلالة من غير دال.
هذا مضافا الى ما اشار اليه المصنف في عبارة المتن من انه لو كان لنفس الدليل دلالة على وجوب الموافقة الالتزامية لكان لكل حكم من الاحكام التي تعلق بها الامر والنهي امتثالان ومعصيتان ، احدهما يتعلق بوجوب عقد القلب عليه ، والثانية باتيانه ، فمن فعل ما امر به غير عاقد قلبه عليه كان مطيعا من ناحية وعاصيا من ناحية اخرى ، والوجدان احق شاهد على كذب هذه الدعوى ، فان المولى اذا امر عبده بشيء ففعله من غير عقد قلبه عليه لا يكون مستحقا للعقاب ، ولو كان كل تكليف منحلا الى تكليفين جانحي وخارجي لكان مثل هذا العبد ممن يستحق العقاب.