لعدم اتصافه بما يليق أن يتصف العبد به من الاعتقاد بأحكام مولاه والانقياد لها ، وهذا غير استحقاق العقوبة على مخالفته لامره أو نهيه التزاما مع موافقته عملا ، كما لا يخفى (١).
______________________________________________________
وبعبارة اخرى : ان المدار في صحة عقوبة العبد هو كونه طاغيا على مولاه وظالما له ، والعبد الذي يفعل ما امره به مولاه وان لم يكن قد عقد قلبه عليه لا يكون طاغيا على مولاه ومتحديا مراسم العبودية.
فاتضح ان دعوى دلالة نفس ادلة التكاليف على وجوب الموافقة الالتزامية لا تخلو عن مجازفة لانها دعوى من غير بيّنة على ذلك ، ولعدم دلالة من نفس ادلة التكاليف على ذلك ولعدم مساعدة الوجدان عليها. والى شهادة الوجدان بعدم وجوب الموافقة الالتزامية الذي هو المرجع في باب الاطاعة والعصيان اشار بقوله : «الحق هو الثاني» وهو عدم اقتضاء ادلة التكاليف للزوم الموافقة الالتزامية «لشهادة الوجدان الى آخر عبارته».
(١) لا يخفى ان هنا أمرين : مرحلة تمام الاخلاص للمولى ، والالتزام بأكمل مراسم العبودية ، ولا اشكال في ان الالتزام باحكامه والتسليم لاوامره ونهيه من درجات تمام الاخلاص ، وليس هذا هو محل البحث في المقام ، بل الكلام في مرحلة وجوب هذا الالتزام وان مخالفته كالمخالفة العملية مما يستحق المكلف عليها العقاب ، وقد عرفت انه لا يساعد هذه الدعوى نفس دليل الاحكام ولا الوجدان ، واما كونها داخلة في العبودية الكاملة والاخلاص التام فليس ذلك من محل البحث.
واما دلالة الدليل الخارجي على وجوب هذه الموافقة ، وهو مثل ما دل على وجوب تصديق النبي بكل ما جاء به فلا دلالة لمثل هذا على وجوب هذه الموافقة الالتزامية ، بعد ما عرفت من ان المراد من الموافقة الالتزامية هو عقد القلب ، فان الظاهر من هذا هو لزوم الاعتقاد بكون النبي صادقا فيما جاء به من الاحكام ، وانه (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) وهذا امر يعتقده كل من صدق