.................................................................................................
______________________________________________________
الثانية : مرتبة الانشاء وهي التي يعبر عنها بمرتبة جعل القانون وهي المرتبة التي يكون الحكم قد انشأ ووجد بوجود انشائي وجعل من الامور المدونة ، والحكم في هذه المرتبة له وجود ، بخلافه في المرتبة الاولى فانه بذاته لا وجود له وانما الموجود مقتضيه ومصلحته ، والحكم في هذه المرتبة وان كان له وجود بإنشائه إلّا ان مجرد انشاء المعنى باللفظ ما لم يكن باعثا ومحركا لا يكون طلبا بالحمل الشائع ، والحكم في هذه المرتبة ليس باعثا ولا زاجرا بحيث لو اطلع العبد على الحكم في هذه المرتبة لا يلزمه العقل بالحركة على طبقه ، لعدم استحقاق العقاب على مخالفته في هذه المرتبة ، لانها مرتبة حدها كون الحكم منشأ ومدونا ولم يقصد بعد به البعث والتحريك وان يكون داعيا بالفعل للعبد للاتيان بمتعلقة ، فلم يقصد مشرع هذا الحكم ومنشؤه ان يحرك العبد به بالفعل ، فلا يحكم العقل باستحقاق العقاب مخالفة الحكم وهو في هذه المرتبة وهذا الحد.
الثالث : مرتبة الفعلية وهي مرتبة كون الحكم باعثا وزاجرا ومحركا للعبد لإتيان متعلقه ، وهذه هي المرتبة التي يكون الحكم فيها طلبا بالحمل الشائع وبعثا جديا كذلك ، وعليه ترتب جميع ما للحكم من الآثار ، ولذا قال (قدسسره) : «وخصصنا بالفعلي لاختصاصها بما اذا كان متعلقا به : أي ان القطع بالحكم بهذه المرتبة تترتب عليه جميع احكام القطع الآتية التي هي من آثار الحكم في هذه المرتبة.
الرابعة : مرتبة التنجز وهذه المرتبة ليست مرتبة يترقى الحكم اليها ، كما ترقى من مرتبة الاقتضاء الى مرتبة الانشاء ، ومن مرتبة الانشاء الى مرتبة الفعلية ، لان مرتبة التنجز هي عبارة عن كون العقل حيث يبلغ الحكم الى مرتبة الفعلية ينتزع منه انه منجز وانه يستحق العبد العقاب على مخالفته ، فنسبة مرتبة الفعلية الى مرتبة التنجز نسبة منشأ الانتزاع الى ما ينتزع منه ، فليست هذه المرتبة من مراتب ترقي الحكم ، فان المولى اذا بلغ حكمه الى كونه قد توجه الى العبد محركا له للاتيان ينتزع العقل منه كونه منجزا وكونه يستحق العقاب على مخالفته.