إذ الظاهر أن المراد بالرأي هو الاعتبار الظني الذي لا اعتبار به ، وإنما كان منه حمل اللفظ على خلاف ظاهره ، لرجحانه بنظره ، أو حمل المجمل على محتمله بمجرد مساعدة ذاك الاعتبار عليه ، من دون السؤال عن الاوصياء (١) ، وفي بعض الاخبار إنما هلك الناس في المتشابه ، لانهم
______________________________________________________
(١) هذا الجواب عن الوجه الخامس ، الذي حاصله : ان الظهورات الكتابية قد منع عن العمل بها والاخذ بما هي ظاهرة فيه ، لان الاخذ بها من التفسير بالرأي. وقد أجاب عنه بأجوبة ثلاثة :
الاول : ان حمل الظاهر على ظاهره ليس من التفسير ، فهذه الاخبار الناهية لا تشمل الظواهر.
وتوضيحه : ان التفسير هو الايضاح وكشف القناع الحاجب بين اللفظ وما اريد من المعنى به ، ولازمه ان يكون هناك غطاء وقناع بين اللفظ والمعنى يزول بتفسيره وايضاحه ، ولا بد من اختصاص التفسير بغير الظاهر في معناه ، لان ما له ظهور في معناه ليس بينه وبين معناه حجاب وقناع يكشفه التفسير. ويؤيد هذا ان التفسير انما يكون بالظواهر لقلة النصوص التي لا يتطرقها الاحتمال ، والتفسير لا بد وان يكون بالاجلى ، فلو كان الظاهر مما يحتاج الى التفسير لما امكن التفسير الا بالنص ، وهو بعيد جدا لقلة النصوص ، والى هذا اشار بقوله : «فانه كشف القناع ولا قناع للظاهر».
الجواب الثاني : انه لو سلمنا ان التفسير مما يشمل حمل الظاهر على ظاهره ، لكن المنهي عنه في الاخبار ليس مطلق التفسير ، بل هو التفسير بالرأي ، والمراد منه هو التفسير الذي يحتاج الى إعمال رأي في تأويل الكلام المفسر ، وحمل الظاهر على ظاهره لا يحتاج الى إعمال رأي في حمل اللفظ على معناه ، فلا بد وان يختص التفسير بالرأي في تفسير المجمل أو في تفسير الظاهر بحمله على غير ظاهره ، فان ذلك مما يحتاج الى اعمال الرأي بالاحتمالات الظنية والاعتبارات التي يتوهمها المفسر للكلام